يرحب الائتلاف الفلسطيني بالتوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، في نهاية مناقشتها لدولة فلسطين بشأن التزاماتها بموجب الانضمام لاتفاقية مناهضة التعذيب في دورتها الرابعة والسبعين خلال الفترة الممتدة من 12-29/7/2022 والصادرة يوم الجمعة 29/07/2022م، والتي أكدت في مقدمة توصياتها على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين، وتوسيع المستوطنات، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، تشكل تحديات كبيرة لدولة فلسطين في التنفيذ الكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وتؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الفلسطينيين، وتضمنت الملاحظات الختامية للجنة (60) توصية في مختلف الجوانب المرتبطة بالتزامات دولة فلسطين بموجب الانضمام لاتفاقية مناهضة التعذيب.
عبرت اللجنة، في سياق توصياتها، عن قلقها من القرارات التفسيرية الصادرة عن المحكمة الدستورية بشأن القيمة القانونية للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان في النظام القانوني الفلسطيني، وأكدت على ضرورة التزام دولة فلسطين بنشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وانفاذ أحكام الاتفاقية في المنظومة القانونية والممارسة العملية، كما عبرت اللجنة عن قلقها بشأن قيام المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، وعبرت اللجنة عن أسفها لاستمرار حالة الانقسام الداخلي الذي يؤثر سلبا على تمتع الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، تمتعا كاملا، بحقوقهم بموجب الاتفاقية، ويسهم في التفتيت السياسي والجغرافي لأراضي دولة فلسطين، وطالبت اللجنة دولة فلسطين بضرورة استعادة عملية تشريعية ديمقراطية لتيسير مواءمة مختلف مجموعات القوانين النافذة في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لضمان حماية جميع الأشخاص الذين يعيشون تحت ولاية دولة فلسطين على قدم المساواة بموجب القانون.
كما عبرت اللجنة في توصيتها رقم (14) عن قلقها لخلو المنظومة القانونية في فلسطين لأحكام صريحة بشأن الحظر المطلق وغير المقيد للتعذيب ، وأكدت اللجنة أنه ينبغي على دولة فلسطين أن تكفل إدراج مبدأ الحظر المطلق للتعذيب في تشريعاتها وتطبيقه تطبيقا صارماً؛ كما عبرت عن قلقها بشأن استمرار اعلان حالة الطوارئ وتمديدها، وأن اللجنة يساورها القلق بشأن ادعاءات تعرض الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان للاستخدام المفرط للقوة والاعتقال والاحتجاز التعسفيين بموجب تدابير الطوارئ، وانه ينبغي على دولة فلسطين أن تقصر إعلان حالة الطوارئ ومدتها على الحالات التي تكون فيها ضرورية للغاية، وأن تحترم في جميع الأوقات أحكام الاتفاقية، مع الإشارة لعدم جواز التذرع بأي ظروف استثنائية لتبرير التعذيب.
شددت التوصيات الصادرة عن اللجنة وبخاصة توصياتها (20، 21) على وجوب احترام ضمانات القبض والتوقيف وضمانات المحاكمة العادلة، واستقلال القضاء، باعتبار التعديلات الاخيرة الصادرة بقرارات بقانون عن الرئيس بشأن تعديل قانون الاجراءات الجزائية؛ وقانون أصول المحاكمات المدنية وقانون البينات وقانون السلطة القضائية، تشكل انتهاكاً لأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقيات الاساسية الاخرى لحقوق الإنسان، وأنه ينبغي على دولة فلسطين اعادة النظر في تلك التعديلات.
وعبرت اللجنة في توصياتها (29،28،23،22) عن قلقها إزاء حالات الاحتجاز التعسفي لدى اللجنة الأمنية المشتركة، ومراكز التوقيف الأخرى التي تتبع الأجهزة الأمنية والشرطية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وادعاءات تعرض الموقوفين للتعذيب وسوء المعاملة، وحالات الاحتجاز الإداري على ذمة المحافظين بموجب قانون منع الجرائم، وعدم تنفيذ قرارات المحاكم بشأن اخلاء السبيل، وحثت اللجنة دولة فلسطين على أن تعتمد فوراً تدابير لضمان المساءلة عن جميع أعمال التعذيب و إساءة المعاملة التي ترتكب في مراكز التوقيف، وذلك بإجراء تحقيقات فورية ونزيهة وفعالة في الشكاوى من خلال آلية مستقلة تمتثل لشرط الاستقلال المؤسسي، من أجل تجنب تضارب المصالح، عن طريق مقاضاة مرتكبي هذا العنف ومعاقبتهم بالعقوبات المناسبة؛ ووقف الأشخاص الخاضعين للتحقيق لارتكابهم أعمال تعذيب أو إساءة معاملة فورا عن أداء واجباتهم طوال فترة التحقيق. وانه ينبغي على دولة فلسطين أن تجري تحقيقات بمبادرة منها، كلما كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب أو إساءة المعاملة قد ارتكب، واتخاذ تدابير فورية لتعديل أو إلغاء قانون منع الجرائم الأردني لعام 1954 بغية جعله ممتثلاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ولالتزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقية.
وأشارت اللجنة في توصياتها (32، 33، 34) إلى الاعتداءات التي طالت المتظاهرين السلميين والصحفيات والصحفيين، وغيرهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقيام قوات الأمن وعناصر أمنية بلباس مدني بارتكاب أعمال التخويف والعنف والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والتعذيب أو سوء المعاملة بحق المشاركات والمشاركين بتلك الاحتجاجات، وطالبت دولة فلسطين باتخاذ جميع التدابير اللازمة للتحقيق الفوري والفعال والنزيه في أي من هذه الادعاءات وتقديم المسؤولين عنها للمساءلة، وينبغي لها أيضا أن تتخذ تدابير إضافية لتعزيز الحقوق والحريات العامة.
وعبرت اللجنة عن أسفها لعدم وجود معلومات موثوقة وبيانات إحصائية مصنفة عن العدد الإجمالي للوفيات أثناء الاحتجاز خلال الفترة قيد الاستعراض، وعدم وجود معلومات عن التحقيقات التي أجريت في هذا الصدد. وعبرت اللجنة عن قلقها بوجه خاص إزاء حالة نزار بنات الذي توفي أثناء احتجازه في حزيران/يونية 2021م بعد أن اعتقلته قوات الأمن الوقائي في الخليل، وتعرضه للضرب المبرح والتعذيب أثناء الاعتقال. كما يساورها القلق لأن دولة فلسطين لم تكفل حتى الآن المساءلة عن وفاة نزار بنات، حيث أفرج مؤقتا في حزيران 2022م عن العناصر الـ (14) المتهمين بمقتله، وطالبت اللجنة دولة فلسطين بضمان خضوع جميع المسؤولين من ذوي الرتب العليا للمساءلة بشأن تعذيب نزار بنات ومقتله من قبل محاكم مدنية، ومراعاة الاصول القانونية وضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين.
وأشادت اللجنة في توصياتها (40، 41) بانضمام دولة فلسطين الى البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، وعبرت عن قلقها لصدور قرار بقانون الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب رقم 25/2022 خلافاً لما جرى الاتفاق عليه بين الفريق الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني باعتبار الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب هيئة حكومية خلافاً لالتزامات دولة فلسطين بموجب البروتوكول، وطالب اللجنة دولة فلسطين بضرورة تعديل القرار بقانون ليكون ممتثلاً بشكل كامل للبروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والخاص بتشكيل الاليات الوطنية للوقاية من التعذيب بالتشاور مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني.
كما أوصت اللجنة دولة فلسطين باتخاذ خطوات إيجابية لإضفاء الطابع الرسمي على الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام، بغية إلغاء عقوبة الإعدام في القانون في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، تماشياً مع التزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وينبغي لها أيضا أن تكثف جهودها لتخفيف جميع أحكام الإعدام إلى عقوبات بديلة، كذلك طالبت دولة فلسطين بالتعجيل باعتماد مشروع قانون حماية الأسرة من العنف؛ ومشروع قانون العقوبات، لضمان إجراء تحقيق شامل في جميع حالات العنف القائم على أساس نوع الجنس، ولا سيما الحالات التي تنطوي على المسؤولية الدولية لدولة فلسطين بموجب الاتفاقية، خاصة جرائم قتل الإناث، ما يسمى بـ "جرائم الشرف" والعنف الجنسي والمنزلي، ومحاكمة المتهمين، إذا أدينوا وعوقبوا على النحو المناسب وأن يحصل الضحايا أو أسرهم على الانتصاف.
وفي ختام توصياتها طالبت اللجنة دولة فلسطين أن تقدم، بحلول 29 تموز 2023م، معلومات عن متابعة توصيات اللجنة بشأن تعريف التعذيب وتجريمه، ورصد مرافق الاحتجاز. وإبلاغ اللجنة بخططها الرامية إلى القيام في غضون الفترة المشمولة بالتقرير المقبل بتنفيذ بعض أو كل التوصيات المتبقية في الملاحظات الختامية، كما شجعت اللجنة دولة فلسطين على النظر في إصدار الإعلانين المنصوص عليهما في المادتين (21، 22) من الاتفاقية بشأن قبول تلقي البلاغات، وطالبت اللجنة دولة فلسطين أن تنشر على نطاق واسع التقرير المقدم إلى اللجنة والملاحظات الختامية، باللغات المناسبة، عن طريق المواقع الالكترونية الرسمية ووسائط الإعلام والمنظمات غير الحكومية، وأن تبلغ اللجنة بأنشطتها في مجال النشر.
يؤكد الائتلاف الفلسطيني لمناهضة التعذيب على أهمية التوصيات الختامية الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة في ختام مناقشتها مع الوفد الرسمي الفلسطيني، ويدعو الائتلاف الحكومة والجهات الرسمية المختصة إلى فتح حوار شامل بشأن تلك التوصيات بما يكفل العمل على تنفيذها في المجال التشريعي والاجرائي والممارسة العملية، ويؤكد الائتلاف انفتاحه بشكل كامل للانخراط في ورشة عمل مفتوحة مع الجهات المختصة للعمل لإنجاح تنفيذ تلك التوصيات قبل موعد المراجعة الدورية القادمة.
-انتهى-