رام الله، الأحد، 18 كانون الأول 2022
قامت سلطات الاستعمار-الاستيطاني الإسرائيلي، اليوم، الأحد، 18 كانون الأول / ديسمبر، بترحيل المحامي الفرنسي-الفلسطيني والمدافع عن حقوق الإنسان، صلاح الحموري، من مسقط رأسه، القدس المحتلة، إلى فرنسا، بشكل غير قانوني وبتهمة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال. تشكل مثل هذه الخطوة جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي تتمثل في الترحيل القسري لمدني فلسطيني من الأرض المحتلة، كما ويمثل تصعيداً مروعاً في سياسات وممارسات إسرائيل الممنهجة للتطهير العرقي للفلسطينيين من القدس المحتلة.
على الرغم من عقود من المضايقات والاعتداءات الاسرائيلية، لم يتنازل صلاح عن كرامته ومطلبه الأساسي، وهو البقاء في مسقط رأسه ومدينته التي أحب، القدس. يجسد إصرار وحب صلاح للقدس العلاقة الفلسطينية التي لا تتزعزع بهذه المدينة رغم السياسات الوحشية ضده لعقود من الزمن، فلم تفعل هذه الوحشية شيئاً لقطع الرابط الفلسطيني، أو إضعاف الصمود الفلسطيني بالبقاء في فلسطين، والقدس بالتحديد.
كما أكد صلاح الحموري من سجن هدريم: "يأخذ الفلسطيني معه حيثما ذهب قضية شعبه وهذه المبادئ: نحمل الوطن معنا إلى حيث تنتهي بنا الطريق". على الرغم من حزن وألم المنفى الذي تفرضه إسرائيل على صلاح، إلا أنها خسرت المعركة، بل وعززت ارتباط صلاح بوطنه، وإرادة وعزم غيره الملايين الآخرين على البقاء.
إن الترحيل القسري لصلاح ليس سوى آخر مرحلة في مضايقات إسرائيل القضائية والإدارية لأكثر من عقدين ضده وعائلته وعمله في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الأسرى الفلسطينيين. بات صلاح هدفاً رئيسياً لسياسات إسرائيل في ترهيب وإسكات أولئك الذين يتحدون نظامها القمعي العنصري، بما في ذلك الاعتقالات المتكررة (غالباً بدون تهمة أو محاكمة)، واستخدام العنف ضده، وفصله عن أسرته (بما في ذلك من خلال ترحيل زوجته قبل بضع سنوات)، بالإضافة إلى استهدافه من خلال برامج التجسس والمراقبة، ومؤخراً، تجريده من حق الإقامة في القدس بحجة "خرق الولاء" غير القانونية. يجسد هذا القرار نظام الفصل العنصري الإسرائيلي الاستعماري المفروض على الشعب الفلسطيني منذ عقود.
سعى صلاح إلى تحقيق حقه في البقاء في وطنه على كل المستويات السياسية والقانونية المتاحة، لكنه لم يقابل إلا بسياسات عنصرية هدفها فرض الهيمنة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. يتسم نظام الفصل العنصري الإسرائيلي هذا بتزايد حاد في العنصرية والهمجية، حيث أنه على وشك تنصيب أكثر الحكومات فاشية منذ تكوينه.
تستهدف إسرائيل بأساليب التطهير العرقي، وبشكل خاص، الفلسطينيين من مدينة القدس، مسقط رأس صلاح، حيث يشكل طرد إسرائيل له سابقة خطيرة لجميع الفلسطينيين في المدينة. قدّم مركز الحقوق الدستورية (CCR) والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ، نيابة عن صلاح الحموري، في 16 أيار / مايو 2022، بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، والتي توضح بالتفصيل سنوات الاضطهاد والأساليب الإسرائيلية المختلفة لنقل الفلسطينيين قسراً من القدس المحتلة، وذلك في نطاق التحقيق الجاري من قبل المحكمة في الحالة في دولة فلسطين.
إن تواطؤ الدول والشركات التي تزوّد النظام الإسرائيلي بالدعم السياسي والاقتصادي والعسكري على الرغم من انتهاكاته المستمرة للقانون الدولي يمكّن إسرائيل من طرد صلاح الحموري، وغيره الالاف، والاستمرار بسياسات الفصل العنصري بشكل أوسع وبدون أي مساءلة أو عواقب. يتضح هذا في فشل فرنسا في استخدام نفوذها والأدوات المتاحة أمامها لمنع جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل القسري والقمع المستمر لأحد مواطنيها (صلاح) من قبل إسرائيل.
قريباً، سيلتم شمل صلاح بزوجته وأطفاله الذين انفصل عنهم عنوة وبقسوة، وبينما يتأقلم صلاح مع حياة المنفى، سيكون محاطاً بحبهم وحب الملايين من أبناء وطنه - ولا سيما في القدس - وسيكون دائما ابن المدينة الأحب لها، ونموذجاً للصمود والتضحية والنضال من أجل الحرية.
سيكافح صلاح من أجل حقه في العودة إلى وطنه مثلما يفعل ملايين الفلسطينيين في المنفى. مهما كان مؤلماً ترحيل وطرد صلاح اليوم، إلا أنه ليس إلا نقطة انطلاق على طريق التحرير المفعم بتضحيات أبطال فلسطين وإرادتهم.