يتعمد الاحتلال منذ عشرات السنوات استهداف العملية التعليمية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بشتى الطرق والأساليب، حيث يستهدف في حملاته الاعتقالية طلبة الجامعات بشكل ممنهج منذ عشرات السنوات، خلال عام ٢٠٢٢ تم رصد أكثر من ٨٦ حالة اعتقال لدى الاحتلال لطلبة من مختلف الجامعات الفلسطينية الأمر الذي يشكل عائقًا كبيرًا لإكمال مسيرتهم التعليمية، ولا يتوقف دور الاحتلال في إعاقة المسيرة التعليمية على هذا فحسب، حيث أن سـلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تتوانَ يوماً عـن نهجها الثابت في حرمان الأسرى الفلسطينيين من أبسط حقوقهم، تحديدًا حقهم في التعليم، حيث يحاول الاحتلال منع الأسرى الفلسطينيين من حقهم في التعليم رغم ما نصت عليه المواثيق والمعاهدات الدولية بخصوص حق تعليم الأسرى، ففي عام ٢٠١١ بعد حادثة أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" قام رئيس الوزراء الإسرائيلي "بينايمين نتنياهو" حينها بتصعيد ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حيث ومنذ ذلك الحين منع التعليم في السجون.
من الجدير بالذكر أن الاحتلال يعتقل طلاب الجامعات الفلسطينية بناء على حجج وذرائع واهية تتعلق بعملهم الطلابي والنقابي داخل الجامعات الفلسطينية، والمكفول في المواثيق والقوانين الدولية، في ١٧ تموز ٢٠٢١ اعتقل الاحتلال ٣٥ طالب وطالبة من جامعة بيرزيت أثناء عودتهم بالحافلة من قرية ترمسعيا، حيث كان وفد من طلاب الجامعة في زيارة تضامنية لعائلة الأسير منتصر الشلبي والذي تم هدم منزله بعد اعتقاله، يذكر أنه خلال العام ٢٠٢١ وحسب توثيق مؤسسة الضمير تم اعتقال ٩٧ طالب/ة جامعيين، ضمن إطار سياسة الاحتلال واستمراره بتقويض وتجريم العمل النقابي الطلابي، لا يتوقف دور الاحتلال في استهداف العملية التعليمية على توجيه التهم بناء على العمل الطلابي والنقابي بل في كثير من الأحيان ما يتم إصدار أوامر الاعتقال الإداري بحق الطلاب المعتقلين دون أي تهم تذكر، الأمر الذي يعيق مسيرتهم الدراسية أيضًا بشكل مباشر كما حصل مع الطالبة في جامعة بيرزيت شذى حسن والتي اعتقلت بتاريخ ١٢ديسمبر ٢٠١٩ وصدر بحقها أمرًا بالاعتقال الإداري لمدة ٣ أشهر، الأمر الذي أخر تخرجها من الجامعة لعدة أشهر وإعاقة مسيرتها التعليمية.
واقع تعليم الأشبال في سجون الاحتلال
لقـد كفلـت المواثيـق الدوليـة المختلفـة حـق الأسـرى الأطفـال بالتعليـم، وكذلـك تمكـن الأشـبال، فيمـا بعـد، مـن تحصيـل قـرار محكمـة بهـذا الشـأن، إلا أن قـرار المحكمـة قـد تـرك البـاب مواربـاً لإدارة مصلحـة السـجون بتمكينهـا مـن حرمـان الأطفـال مـن هـذا الحـق بحجـة الذريعـة الأمنيـة. ويوضـح واقـع تعليـم الأطفـال في السـجون مـدى مخالفـة سـلطات الاحتلال للمواثيـق الدوليـة، فعلـى الرغـم مـن أنهـا عضـو في اتفاقيـة حقـوق الطفـل، وعلـى الرغـم مـن وجـوب تطبيـق اتفاقيـة جنيـف علـى الأسـرى الأطفـال، فإنهـا مـا زالـت تتنكـر لهـذا الالتـزام وتتنصـل منـه، من الجدير بالذكر أن الأسرى الأشبال يتوزعون على ثلاثة سجون: عوفـر، الدامـون، مجـدو. ويعيـش الأسـرى الأطفـال في أقسام مختلفـة عـن أقسام الأسـرى البالغـين، إلا أن هنـاك ممثلـين عنهـم في كل سـجن، ويقتصر التعليم للأسرى الأشبال على المعتقلين المحكومين فقط في القسم، ويقتصر على مادتين فقط: الرياضيات واللغة العربية، ولا يراعي المستويات الفردية بين الأسرى الأشبال الأمر الذي يعد انتهاكًا صارحًا لحق الأطفال المعتقلين في التعليم.
وحيث أن عملية التعليم غير كافية، تحاول الحركة الأسيرة جاهدة أن تحافظ على بنية معينة للأشبال حيث يقوم ممثلي الأشبال بوضع نظام تعليمي ثقافي اجتماعي للأشبال يشمل تقسيمهم إلى مستويات حسب مستواهم العلمي. ويشارك الأسرى في حصص يومية مدتها 45 دقيقة يتم فيها تعليم الأطفال اللغة العربية والرياضيات وحصة واحدة أسبوعياً تكون مخصصة لتعليم اللغة العبرية. ومن جهة أخرى يقوم ممثلي الأشبال بإعداد برنامج غير منهجي للأسرى الأطفال حيث تشمل هذه الجلسات غير المنهجية تعلم اللغات، وجلسات محو الأمية وفي بعض الأحيان جلسات دينية.
واقع تعليم الأسيرات في سجون الاحتلال.
يعد واقع تعليم الأسيرات داخل سجون الاحتلال أكثر صعوبة وتعقيدًا من واقع تعليم الأسرى في سجون الاحتلال وذلك يعود لعدة عوامل أهمها التباين الكبير بين أعداد الأسرى والأسيرات، حيث أن عدد الأسرى الكبير ساعد في توزيع المهام الثقافية والتعليمية باستغلال الخبرات والمجالات المتعددة الأمر الذي لا يتوفر لدى الأسيرات، وأيضًا قلة عدد الأسيرات ممن يحملن الشهادات الدراسية العليا في سجون الاحتلال الأمر الذي جعل الواقع التعليمي في سجون الأسيرات أكثر صعوبة وتعقيدًا.
إضافة إلى ذلك، تفرض سلطات الاحتلال بحق الأسيرات العديد من القيود على حياتهن التعليمية داخل السجون، وتشـير الأسـيرة المحررة بيـان عـزام - ممثلـة الأسـيرات في سـجن الدامـون - في هـذا السـياق، إلـى أن الإدارة تتخـوف مـن قضيـة التعليـم لـدى الأسـيرات، حيـث تقـوم الإدارة بالسـؤال عـن أي تجمـع تقـوم بـه الأسـيرات؛ سـواء أكان ذلـك لنقـاش موضـوع ثقـافي أم دينـي أم غيـره.
علـى الرغـم مـن الحمايـة التـي أفردهـا القانـون الدولـي للحـق في التعليـم بشـكل عـام، وللأسـرى بشـكل خـاص، فـإن سـلطات الاحتلال تتجاهـل النصـوص الدوليـة التـي تحمـي حـق الأسـرى في التعلــم، وتنظــر إلــى هــذا الحــق علــى أنــه «امتيــاز» يمنــح للأســرى، ومــن الممكــن ســحبه في أي وقــت ولمختلــف الأســباب، وفي ظـل هذه التضييقيات المستمرة التي ما زالت الحركة الأسـيرة تواجهها حتى يومنا هذا، نجح الأسرى في إدخـال بعض البدائل التعليمية إلى السجون، مثل التفاهمات مع وزارة التربية والتعليـم الفلسـطينية، والجامعـات المختلفـة، لغايات تمكين الأسرى مـن استكمال تعليمهم تحت إشـراف ورقابـة هيئـة تعليميـة مـن الأسـرى في السـجون. وكذلك نجحوا في إدخال مجموعة كبيرة من الكتب إلى العديد مـن السجون مـن خال زيارات الأهالي بشـكل أساسـي.