تابعت مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات إعلامية وحقوقية مختلفة، بقلق بالغ، تحرك مجلس الوزراء نحو إقرار مشروع قرار بقانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات بشكل سري وبدون السماح لغير الوزراء الاطلاع على أحكامه.
مشروع القرار بقانون، والذي حصل المجتمع المدني على نسخة منه، يخالف المبادئ الأساسية للحق في الحصول على المعلومات، والتي سبق أن تم التوافق عليها مجتمعيا ورسميا، والمتضمنة إنشاء هيئة (مفوضية) مختصة مستقلة ماليا وإداريا تراقب مدى التزام الحكومة بحق المواطنين في الحصول على المعلومات العامة، إلا أن هذه المسودة الحالية من مشروع القانون أناطت صلاحيات الرقابة والمتابعة إلى دائرة تسمى " دائرة المعلومات"، تتبع للأمين العام في مجلس الوزراء، مما يجعلها سلطة بيد الأمين العام، التابع أساسا لمجلس الوزراء وفقا للهياكل الإدارية ولقانون الخدمة المدنية.
إن أحكام المشروع المقترح لا تنطلق من مبدأ أساسي يعتبر أن الإفصاح عن المعلومات العامة هو القاعدة، حيث يخالف ما قصدت إليه المعايير الدولية، إذ شمل القانون العديد من الاستثناءات لرفض طلب الحصول على المعلومات، ويشار في ذلك إلى تجربة بعض الدول العربية ذات النظام غير الديمقراطي، والتي بدورها أقرت قانون حق الحصول على المعلومات و ُوجهت إليها انتقادات من المجتمع الدولي والمحلي فيما يخص الاستثناءات، حيث أن الحكومات استغلت نطاق الاستثناءات، للتحفظ على بعض المعلومات التي لا مبرر لمصلحة عامة في التحفظ عليها.
إن النسخة الحالية التي تم توزيعها للوزراء قبل إقرارها لا تعكس سياسة الانفتاح الحكومي، والتي تعهدت الحكومة بأكثر من مناسبة محليا ودوليا بتبنيها مبادرة الحكومة المنفتحة، حيث أعلن مجلس الوزراء عن رغبته في تنفيذها، والتي تتطلب تنظيم المعلومات العامة والسجلات الإدارية كمتطلب مسبق لاعتماد المبادرة.
بناء على ما سبق، تحذر مؤسسات المجتمع المدني من إقرار القانون بصيغته الحالية، لما يشكله من مخالفة لجوهر الحق في الحصول على المعلومات، حيث أن الأصل بالقرار بقانون هو الحد من حجب المعلومات وانتشار الأخبار الكاذبة والمضللة التي تهدد السلم الأهلي من جهة، وتعزيز حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام من جهة أخرى، من خلال الإتاحة للوصول إلى مصدر المعلومات الحقيقية والتعامل معها بمهنية. كما تدعو مؤسسات المجتمع المدني الحكومة إلى فتح باب التشاور والحوار المجتمعي فيما يخص إعداد مشروع القرار بقانون، بالرغم من تحفظها على آلية إصدار القرارات بقوانين، والتي يفترض أن تكون في حالات طوارئ استنادا لما نص عليه القانون الأساسي الفلسطيني، وعدم الذهاب الى الاستسهال في إصدارها بين الفينة والأخرى، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته على عدم إجهاض جهود امتدت 18 عاما في إعداد مسودات من المشروع، لضمان حق المواطن بحرية الوصول إلى المعلومات، والحق في حرية الرأي والتعبير.