ميس محمد أبو غوش

الاسم: ميس محمد أبو غوش

تاريخ الميلاد: 11/8/1997

السن:22 عاماً

العنوان: القدس-مخيم قلنديا

الحالة الاجتماعية: عزباء

المهنة: طالبة إعلام في جامعة بيرزيت

تاريخ الاعتقال:29/8/2019

السجن: الدامون

الحالة القانونية: حكم بالسجن 16 شهراً

 

الاعتقال

اقتحمت قوات الاحتلال برفقة الكلاب البوليسية منزل الأسيرة ميس أبو غوش فجر 29/8/2019 بعد أن خلعوا باب المنزل، وطلبوا من والدها إيقاظ زوجته والأطفال، وجمعوهم في غرفة الصالون، أدخلوا ميس إلى غرفة وحدها وأحضروا هاتفها وحاسوبها النقّال وطلبوا منها فتحه، بعد أن رفضت سمحوا لها بتبديل ملابسها بوجود المجندات، ثم قامت القوة المقتحمة بتفتيش غرفة ميس وغرفة والديها وقلبهما رأساً على عقب. كبّلوا يديها للخلف بقيود بلاستيكية وقاموا بشدّها كثيراً مما سبب لها الألم. نقلوا ميس مشياً على الأقدام من منزلها إلى باب المخيم، وفي وسط الطريق عصّبوا عينيها، ثم نُقلت بالجيب العسكري إلى حاجز قلنديا العسكري وأنزلوها بعنف إلى غرفة. تعرضت ميس أثناء وجودها في حاجز قلنديا للشتم والتحقير من قبل الجنود والمجندات، وجرت محاولة تفتيشها تفتيشاً عارياً وعندما رفضت تم تهديدها بتفتيشها بالقوة من قبل الجنود، وهُدّدت أيضاً بالاغتصاب. نُقلت ميس لمركز تحقيق المسكوبية حيث تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي الشديدين لما يزيد عن الشهر.

التعذيب في التحقيق

منذ وصول ميس لمركز تحقيق المسكوبية، وُضعت في زنزانة صغيرة لا يتوفر بها أي مصدر للتهوية ولا يوجد فيها فرشة، فاضطرت للنوم على الأرض، ثم نُقلت لغرفة التحقيق بعد تفتيشها تفتيشاً دقيقاً. قام المحققون بتقييد يديها وقدميها بكرسي التحقيق، وبدأ التحقيق معها لساعات طويلة جداً وبشكلٍ متواصل مع حرمانها من النوم والراحة، كما تم تهديدها باعتقال أفراد عائلتها وإبعادها عن الجامعة بالإضافة إلى تهديدها بهدم منزلها مرةً أخرى[1]. تم استخدام معلوماتها الشخصية من هاتفها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتهديدها والضغط عليها، وأخضعوها لجهاز كشف الكذب لأكثر من مرة. كما قاموا باعتقال شقيقها الأصغر سليمان ومواجهتهما أثناء فترة التحقيق، واستدعوا والدها ووالدتها للتحقيق وقابلوها معهم وكل ذلك بهدف الضغط عليها. كما هدد المحققون ميس باستخدام التحقيق العسكري ما لم تعترف بما يرغبون، وهو ما حصل فعلاً، نُقلت لغرفة التحقيق العسكري حيث تعرضت لتعذيبٍ جسديٍّ شديد لمدة ثلاثة أيام، تخلله تهديد المحققات لها بإنهاء التحقيق العسكري إما مشلولة أو ستُنقل إلى "مستشفى المجانين".

تعرضت ميس في فترة التحقيق العسكري للصفع الشديد والمتواصل على الوجه وهي معصوبة العينين، بالإضافة إلى شبحها بوضعيات مختلفة كوضعية الموزة، حيث قامت محققة بإجلاس ميس على كرسي ظهره إلى الجنب وثبتت رجليها بزاوية قائمة مع الكرسي، ويديها غير مقيدة، وأجبرتها على إنزال رأسها للخلف لتصبح على شكل "موزة"، وبالمقابل وقفت محققة أخرى من جهة رأسها وبدأت برفع رأس ميس لزيادة الضغط على عضلات المعدة، وكلما أنزلت رأسها تقوم المحققة برفعه مجدداً مع تهديدها بصفعها على الوجه في حال رفعته. أدت هذه الوضعية لسقوط ميس أكثر من مرة على الأرض.

تعرضت أيضاً لوضعية الشبح على الحائط، قامت المحققات بإجبار ميس على الوقوف على الحائط وقاموا بتعصيب عينيها ووقفت محققتان على جانبيها وبدأتا بالضغط على كتفيها حتى أصبحت ركبها مثنية، وعندما كانت تسقط أرضاً كن يقمن برفعها بعنف لدرجة ترك علامات على جسدها من أصابعهن.

كما وتعرضت لوضعية القرفصاء، قامت المحققات بإجبارها على الوقوف وثني ركبتيها دون الاتكاء على الحائط، وقُمن بالضغط على كتفيها للأسفل لتبقى بهذه الوضعية فترة من الزمن. وأثناء هذه الوضعية تعرضت ميس للإغماء والسقوط أرضاً، إلا أن المحققة قامت برفعها وإجبارها على العودة لذات الوضعية. بالإضافة إلى وضعية الشبح على الطاولة، حيث تم تقييد يديها ورجليها بكرسي، ووضعوا خلفها طاولة بمستوى أعلى من كتفيها، وقاموا بسحب وشدّ يديها للخلف وذلك لفتراتٍ طويلة.

تكررت وضعيات الشبح هذه على مدار ثلاثة أيام، ونتيجة لتقييد اليدين والرجلين أثناء الوضعيات، تعرضت يديّ ورجليّ ميس للنزيف من شدّة تقييدهما بالقيود الحديدية.  كما عمد المحققون أثناء فترة التحقيق على إسماع ميس أصوات صراخ وضرب لمعتقلين آخرين في التحقيق حتى وهي داخل الزنزانة على مدار ليلتين وذلك لإرهاقها نفسياً والضغط عليها.

لا زالت ميس تعاني من أوجاع مختلفة في كافة أنحاء جسدها، خاصة في ظهرها وقدميها ورأسها نتيجة للتعذيب الذي تعرضت له، وتعاني أيضاً من سياسة الإهمال الطبي حيث لم تتخذ سلطات الاحتلال حتى الآن أي إجراءات حقيقية لتشخيصها وعلاجها.

الوضع القانوني

مُنعت ميس من لقاء محاميها من لحظة اعتقالها ولمدة 25 يوماً، حيث صدر بحقها 7 أوامر منع من لقاء محامي متتالية. هذه الأوامر كانت عائقاً أمام محامي الدفاع لرصد وتوثيق التعذيب الذي تعرضت له أثناء فترة التحقيق. قدّم محامو مؤسسة الضمير التماسين للمحكمة العليا الإسرائيلية ضد أوامر المنع، إلا أن هذين الالتماسين رُفضا. كما وقدّم المحامون عدّة استئنافات على تمديد توقيف ميس منذ اعتقالها وحتى انهاء التحقيق، إلا أن هذه الاستئنافات رُفضت بحجة استكمال التحقيق.

في إحدى جلسات تمديد توقيف ميس التي عُقدت دون حضور محاميها بسبب أمر المنع؛ أطلَعت القاضي العسكري على ظروف التحقيق القاسية والتعذيب الذي تتعرض له، إلا أن محامي الدفاع فوجئ بأنه جرى إخفاء جزء من أقوال ميس حول تعرضها للضرب من بروتوكول الجلسة، وعلى الرغم من ذلك قام القاضي بتمديد توقيفها. وفي جلسة الاستئناف على تمديد التوقيف هذا، ادعى قاضي الاستئناف العسكري أنه يمكن للمخابرات بشكل عام أن تبقي على أقوال المعتقل/ة سرية لعدم المس بالأمن، إلا أن هذا الطلب وقرار القاضي بشأنه يجب أن يُدوّن في بروتوكول جلسة تمديد التوقيف.

إن إخفاء أقوال ميس حول تعرضها للضرب وتعذيبها في ظل منعها من لقاء محاميها يظهر محاولات مخابرات الاحتلال إخفاء جريمة التعذيب التي ارتكبتها بحق ميس تحت غطاء من قضاء الاحتلال العسكري، ويأتي لمنع المحامي من رصد وتوثيق التعذيب الذي تعرضت له في انتهاك إضافي لحق المعتقلة الأساسي في مقابلة محاميها واستشارته.

بتاريخ 24/10/2019، قدمت سلطات الاحتلال لائحة اتهام بحق ميس تتضمن بنود تتعلق بعملها الطلابي في الجامعة، وانتمائها للقطب الطلابي الذي يعدّ محظوراً وفقاً للأوامر العسكرية، بالإضافة إلى اتهامها "بالاتصال مع عدو" بادعاء تواصلها مع نشطاء من حزب الله ومشاركتها في مؤتمر حول حق العودة وعملها الصحفي وكتاباتها لصالح قناة إخبارية تدّعي سلطات الاحتلال أنها تابعة لحزب الله.

استمرت محاكمة ميس لما يزيد عن 8 أشهر، ليصدر بحقها يوم 3/5/2020 حكماً بالسجن الفعلي لمدة 16 شهراً وغرامة مالية 2000 شيقل. وفي قرار الحكم، أقرّت القاضية العسكرية أن هناك صعوبة جديّة في البيّنات التي تتعلق بظروف التحقيق مع ميس، في إشارة إلى التعذيب الذي تعرضت له وتبعات ذلك على الأدلّة. كما ادعت القاضية أنه على الرغم من أن جوهر الفعاليات المتهمة بها ميس تحمل طابع مدني، إلا أنه لا يمكن التساهل في هذا الموضوع لأن هذه الفعاليات تعمل على تقوية مكانة الأحزاب المحظورة داخل المجتمع، وادعت أن الفعاليات ذات الطابع المدني للأحزاب تقوّي من الفعاليات العسكرية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى المسّ بأمن المنطقة. إن ادعاء القاضية هذا يشير إلى أن دولة الاحتلال بسلطاتها تسعى لقمع الشعب الفلسطيني من خلال تجريم حقوق أساسية للأفراد كالحق في الانتماء السياسي والانضمام للجمعيات، وتعمل المحاكم العسكرية من خلال العديد من قراراتها على ربط العمل العسكري بالعمل السياسي والنقابي في إطار سياستها للسيطرة على الشعب الفلسطيني من خلال حظر التنظيمات الفلسطينية وأذرعها الطلابية بما يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

أفرجت سلطات الاحتلال عن ميس بتاريخ 30/11/2020 بعد انقضاء مدة حكمها.

تجريم الحقوق الأساسية

تسعى سلطات الاحتلال من خلال الأوامر العسكرية التي تصدر عن القائد العسكري إلى تقييد حقوق الفلسطينيين في شتّى المجالات، في انتهاك واضح لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة التي تجيز لدولة الاحتلال إخضاع سكّان الأراضي المحتلة فقط للقوانين التي تراها لازمة لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها بمقتضى الاتفاقية. وتُخضع سلطات الاحتلال الفلسطينيين للأوامر العسكرية وتعديلاتها التي صدرت منذ العام 1967، والتي تتضمن في ثناياها خروقاتٍ عدّة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، وجهت النيابة العسكرية لميس تهماً تتعلق بنشاطها الطلابي والنقابي داخل الجامعة بالإضافة إلى عملها الصحفي، الأمر الذي يظهر تجريم سلطات الاحتلال لحقوق الأفراد الأساسية من خلال الأوامر العسكرية التي تَصدر، ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بخرق أحكام القانون الدولي بتجريمها للحقوق، وإنما قامت بتعذيب ميس تعذيباً شديداً في فترة التحقيق في انتهاك صارخ لاتفاقية مناهضة التعذيب التي تحظر اخضاع أي شخص للتعذيب والمعاملة القاسية.

إن انتهاكات سلطات الاحتلال في حالة ميس لم تقتصر على التعذيب الذي تعرضت له، وإنما امتدت لتشمل مرحلة المحاكمة حيث جرى خرق ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة للمعتقل/ة بموجب القانون، وذلك في إطار التغطية على جرائم التعذيب التي ارتكبها محققو الاحتلال بحق ميس. حيث قبلت النيابة العسكرية التابعة للاحتلال بحكم أقل (16 شهراً) مقارنة مع الأحكام في ملفات مشابهة وذلك بعد أن أقرت النيابة أن هناك صعوبة في الأخذ بالبينات المقدمة المتمثلة في افادتها وافادة المعتقلين الآخرين لأنها أُخذت تحت التعذيب.

إن جريمة التعذيب التي ارتُكبت بحق ميس أثناء فترة التحقيق تستوجب ملاحقة الاحتلال ومحاسبته، حيث أن التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرضت له يأتي بسبب ممارسة حقوقها الأساسية المكفولة، التي تسعى سلطات الاحتلال لتقييدها كوسيلة لقمع الشعب الفلسطيني.

عائلة في مواجهة الاحتلال

تنحدر عائلة ميس من قرية عمواس المهجّرة، وتقطُن حالياً في مخيم قلنديا للاجئين شمال القدس المحتلة، تتكون عائلتها من 5 أشقاء وشقيقتين، فقدت ميس شقيقها حسين بعد أن استشهد بتاريخ 25/1/2016 بحجة قيامه بعملية طعن في مستوطنة "بيت حورون" الواقعة على أراضي قرية بيت عور الفوقا، ومنذ ذلك الحين والعائلة تتعرض لشتى أنواع التضييق والعقوبات الجماعية من قبل الاحتلال، حيث تم احتجاز جثمان نجلها لمدة أربعة أيام قبل تسليمه لذويه، كما وقامت قوات الاحتلال بهدم منزل العائلة بعد شهرين من إعدام نجلها وتم إصدار أمر منع ترميم المنزل ومصادرته، واستمراراً لسلسلة العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال بحق عائلة أبو غوش، وانتقاماً من العائلة  قامت باعتقال سليمان شقيق ميس مع اقتراب الذكرى السنوية لاستشهاد حسين، وأعادت اعتقاله قبل أن يمضِي على الإفراج عنه من اعتقاله الأول سوى أربعة أشهر وذلك بتاريخ 5/9/2019، حيث قبع رهن الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر قبل أن يُفرج عنه، وجاء اعتقاله كوسيلة للضغط على شقيقته ميس التي كانت تخضع للتحقيق القاسي في مركز تحقيق المسكوبية.

إن ما مرّت به عائلة أبو غوش وما تجرعته من بطش الاحتلال يمثّل معاناة العائلات الفلسطينية تحت الاحتلال، حيث ذاقت مرار اللجوء والأسر والاستشهاد وهدم المنزل.

 

[1] قامت قوات الاحتلال قبل ما يقارب أربعة أعوام بهدم منزل عائلة المعتقلة ميس أبو غوش بعد اتهام الاحتلال لشقيقها بتنفيذ عملية.

 

Last Update