قوات الاحتلال تواصل اعتداءاتها واعتقالاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة

 

تصاعدت اعتداءات وقمع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يقارب الشهر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في إطار استهداف الاحتلال لكل ما هو فلسطيني. حيث تواصل سلطات الاحتلال اعتداءاتها وقمعها بكافة الوسائل والأساليب، إذ شنت عدواناً عنيفاً على قطاع غزّة بواسطة طائراتها الحربية ومدفعياتها أدى إلى استشهاد 230 شخص، بينهم 65 طفلاً، و39 سيدة، و16 مسناً، إضافة إلى إصابة 1710 بجراح مختلفة غالبيتهم من المدنيين حتى تاريخ هذا التقرير.

كما وصدر قرار قضائي بإخلاء عدداً من العائلات الفلسطينية من منازلها في الشيخ جراح في إطار سياسة الاحتلال الممنهجة في تهجير الفلسطينيين قسرياً وانتزاعهم من منازلهم وأراضيهم. وصاعدت قوات الاحتلال قمعها مع بدء شهر رمضان المبارك بحق المصلين في المسجد الأقصى ومحيطه، حيث منعت الفلسطينيين من التواجد في ساحة باب العامود ورافق ذلك اقتحامات متكررة لباحات المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس من قبل شرطة الاحتلال ومستوطنيه.

تعرض الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 لاعتداءات وقمع قوات الاحتلال بعد خروجهم بمظاهرات سلمية، حيث قامت القوات بإطلاق الرصاص والقنابل تجاه المتظاهرين، وأجرت اعتقالات عشوائية بحق عدداً كبيراً من الفلسطينيين بعد أن استخدمت القوة المفرطة بحقهم وتعرضهم للضرب والسحل أثناء عملية الاعتقال. وفيما يلي نستعرض ممارسات واعتداءات سلطات الاحتلال عند اعتقال الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة (القدس، الداخل الفلسطيني 1948، الضفة الغربية).

الاعتداء والقمع بكافة الوسائل

اندلعت شرارة المواجهات في مدينة القدس، مع بدء شهر رمضان تحديداً بتاريخ 13/4/2021، حيث قررت سلطات الاحتلال بشكلٍ غير مبرر، منع الفلسطينيين من التواجد في ساحة "باب العامود"، في ظل اقتحامه اليومي من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين.  حيث اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال والفلسطينيين، وقامت القوات بالاعتداء على المصليين والموجودين في باب العامود والبلدة القديمة بالضرب والسحل والرش بالغاز والمياه العادمة، إضافة إلى إطلاق الرصاص المطاطي.

في ذات السياق، ومع قرار محاكم الاحتلال بالتهجير القسري لـ 28 عائلة مقدسية تسكن حي الشيخ جراح، انتقل التضامن بشكل يومي مع أهالي الحي الذين يشهدون عربدة واعتداء من قبل المستوطنون بشكل يومي، والتضامن أخذ شكلاً سلمياً. حيث شهد الحي والمتضامنين بشكل يومي اعتداءات من قبل الشرطة والقوات الخاصة الإسرائيلية، وذلك من خلال الضرب والسحل وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز على المتضامنين، ورشهم بالمياه العادمة والغاز، إضافة إلى طردهم ومنع تواجدهم، ومنع الصحفيين من التصوير، والاعتداء على أهالي الحي داخل منازلهم بالضرب ورش الغاز.                أحمد غرابلي ا ف ب

كما وعملت قوات الاحتلال على وضع حواجز وسواتر اسمنتية على مداخل الحي، وقامت بالتضييق على أهالي الحي ومنع دخول أي شخص دون تفتيش بطاقته الشخصية والتأكد من أنه يسكن الحي، مع منع أي متضامن أو زائر من دخوله، وتحويله لثكنة عسكرية، وبالمقابل، السماح للمستوطنين من الدخول والخروج للحي بكل حرية حتى لغير ساكنيه، مع العلم أن معظمهم مسلحين، وذلك حسبما أفادت به منى الكرد إحدى سكان الحي.

الاعتداء على أب ونجليه أحدهم كفيف

تعرض 3 أفراد من عائلة صلاح وهم خلدون صلاح ونجليه علي ويوسف للاعتداء من قبل قوات الاحتلال أثناء جلوسهم لدقائق معدودة في منطقة باب العامود، حيث قامت قوات الاحتلال بمهاجمتهم وضربهم واعتقالهم، مما أدى الى إصابتهم برضوض وجروح وأوجاع مختلفة.

وأوضح خلدون صلاح أنه كان برفقة نجليه في باب العامود في القدس، في الثاني والعشرين من شهر نيسان الماضي، وإذ بقوةٍ من أفراد "الوحدات الخاصة" تتقدم باتجاههم، وتقوم بدفعهم والاعتداء عليهم بالضرب والدفع، ثم اعتقالهم واقتيادهم الى داخل غرفة المراقبة المقامة في باب العامود، وداخلها تم الاعتداء الوحشي غير المبرر بحسب قول صلاح.

ويضيف: "أبلغت الجنود عدة مرات خلال اعتقالنا وضربنا، بأن ابني علي -22 عاماً-من ذوي الاحتياجات الخاصة "وهو ضرير ولا يرى بالليل نهائياً"، لكنهم لم يكترثوا لذلك وواصلوا ضربه، وحاول علي أن يخبرهم بذلك بينما هو طريح الأرض، وأبرز بطاقة "كفيف"، لكنهم رفضوا التوقف عن ضربه".

ويصف ما تعّرضوا له بأنّه "تكسير وليس ضرباً عادياً، حيث كان يجري بأعقاب البنادق وبالأقدام والأيدي، رُشَّ غاز الفلفل علينا بشكلٍ مباشر، وضعت القيود بأيدينا ونحن على الأرض وفي زوايا غرفة المراقبة." وأوضح صلاح أن الجنود تعمدوا توجيه الضربات لهم على الرأس والظهر بشكل خاص. وبعد حوالي نصف ساعة من الاحتجاز والضرب، نقل خلدون ونجليه إلى مركز شرطة صلاح الدين وأفرج عنهما لاحقاً بشرط الحضور مجدداً للتحقيق، فيما بقي علي قيد الاحتجاز، ليفرج عنه في صباح اليوم التالي دون شروط.

وفي الداخل المحتل عام 1948، واجه الفلسطينيون أساليب قمعٍ مشابهة، حيث تعرض المتظاهرين للضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، والسحل، وإطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز، حيث استشهد متأثراً بجراحه على إثر هذا القمع الطفل محمد كيوان (17 عاماً) من أم الفحم بعد أن أطلقت عناصر الشرطة النار على رأسه. إضافة إلى القمع الذي تعرض له الفلسطينيون من قبل قوات الاحتلال، فإنهم واجهوا قمع واعتداء المستوطنين في البلدات العربية، حيث قام المستوطنون بإطلاق النار على الفلسطينيين وإصابة عدداً منهم، إضافة إلى استشهاد الفلسطيني موسى حسونة من اللد بعد أن أطلق مستوطن النار عليه.

 

أما فيما يتعلق بالضفة الغربية، فإنها واجهت تصاعداً في الاعتداءات من قبل قوات الاحتلال ومستوطنيه وذلك عقب الادعاء بقيام فلسطيني بعملية إطلاق نار على حاجز زعترة أدت إلى مقتل مستوطن. حيث عملت سلطات الاحتلال على فرض العقوبات الجماعية بحق عدداً من القرى في الضفة الغربية، فاقتحمت قوات الاحتلال عدداً من قرى نابلس ورام الله، وتعرض أهالي بلدة عقربا وترمسعيا للتنكيل الأشد، حيث قام الاحتلال باعتقال أحمد شلبي نجل منتصر الشلبي المتهم بتنفيذ العملية، بعد التحقيق الميداني معه ومع والدته وتفتيش المنزل وتدمير محتوياته. وفي ساعات فجر اليوم التالي، اقتحمت قوات الاحتلال منزل الشلبي مرة أخرى وقامت باعتقال السيدة سناء شلبي زوجة المتهم بتنفيذ العملية، وكل ذلك في إطار الضغط على منتصر الشلبي والتنكيل بعائلته.

واصلت قوات الاحتلال فرض العقوبات الجماعية على سكان بلدة عقربا، حيث اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال والوحدات الخاصة البلدة في يوم 3/5/2021، وفرضت السيطرة على كامل البلدة ومنعت الحركة فيها، كما واقتحمت منازل المواطنين فيها وقامت بتفتيشها وتخريبها، وحجز العائلات داخلها لساعات، إضافة إلى أنها قامت بتحويل بعض المنازل لثكنات عسكرية، واعتقلت عدداً من الأهالي. كما وقامت قوات الاحتلال بإطلاق الصواريخ والرصاص على أحد المنازل وتدميرها بشكل تام ظناً منها أن المتهم بتنفيذ العملية موجود فيه. وقام المستوطنون بالاستنفار على الشوارع الالتفافية، حيث اعتدى المستوطنون على السيارات الفلسطينية المارّة من خلال رشقها بالحجارة وإصابتها، وقامت بإغلاق الطرق والعمل على استفزاز الفلسطينيين المارين.

 

الاعتقالات الممنهجة والعشوائية

لم تقتصر انتهاكات سلطات الاحتلال على الاعتداء والضرب والقمع، وإنما رافق ذلك عمليات اعتقال ممنهجة وعشوائية بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث نفذت حملات الاعتقال في كل من القدس والداخل المحتل عام 48 والضفة الغربية، ورافق هذه الاعتقالات استخدام القوة والعنف والضرب وانتهاك حقوق المعتقلين الأساسية أثناء الاعتقال والتحقيق والمحاكمة.

ففي القدس، رافق المواجهات والاعتداء حملات اعتقال واسعة طالت الشبان والاطفال والفتيات، وتؤكد شهادات المحامين أن معظم المعتقلين كانت تظهر عليهم علامات الضرب على أجسادهم خاصة المناطق العلوية، وجرت الاعتقالات العشوائية في منطقتي باب العامود وحي الشيخ جراح بحق المصلين والمتواجدين في المكان والمتضامنين.

 

إضافة للاعتقالات العشوائية التي مارسها الاحتلال في مدينة القدس، كانت هناك حملات اعتقال منظمة، ففي يوم 9/5/2021، قبل بيوم من المسيرة التي دعا لها المستوطنون في الحرم القدسي، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات طالت أكثر من 25 مقدسي من الأسرى المحررين والناشطين الذين اعتقلوا من خلال اقتحام منازلهم في وضح النهار، حيث اعتقلوا احترازياً لأيام قبل أن يتم الإفراج عن بعضهم. وفي ذات السياق، أصدرت المحاكم الاسرائيلية عشرات القرارات بالإبعاد عن المسجد الاقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح، بالإضافة إلى عشرات القرارات بالحبس المنزلي أو الإقامة الجبرية.

أما فيما يتعلق بالاعتقالات التي طالت الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 48، فإن الاعتقالات طالت ما يقارب 900 فلسطيني وفلسطينية. وتمت الاعتقالات العشوائية من الشوارع والأماكن العامة أثناء قمع المتظاهرين، كما جرى اقتحام للمنازل والاعتداء على العائلات واعتقال أبنائها. وشهدت الاعتقالات استخدام القوة المفرطة أثناء الاعتقال، لتؤدي إلى إحداث رضوض وكسور في الأقدام والأيدي والظهر والعنق. كما تعمدت عناصر الشرطة ضرب رؤوس المعتقلين بالأرض والجدران وأبواب مركبات الشرطة، كما واعتدت على المعتقلين أثناء النقل في سيارات الشرطة، بالإضافة إلى انتهاك حقوق الأطفال المعتقلين وتهديدهم ومنعهم من تلقي الاستشارة القانونية والتحقيق معهم بلغتهم الأم، وفي ساعات الليل المتأخرة.

تصاعدت الاعتقالات في الضفة الغربية منذ بداية شهر أيار وبعد فرض العقوبات الجماعية بحق عدداً من القرى الفلسطينية، حيث استهدفت الاعتقالات أسرى محررين ونشطاء فلسطينيين، وفي يوم 12/5/2021، قامت قوات الاحتلال باعتقال ما يقارب 60 فلسطينياً منهم صحفيين ونشطاء ومرشحين للمجلس التشريعي، وقد جرى اقتحام عدداً من المنازل وتسليم بلاغات في حال عدم وجود الشخص المراد اعتقاله. ومن بين المعتقلين، جرى تحويل 25 معتقلاً على الأقل للاعتقال الإداري التعسفي دون تهمة أو محاكمة، وذلك في إطار فرض السيطرة والقمع بحق الفلسطينيين وثنيهم عن ممارسة حقوقهم. كما اعتقلت قوات الاحتلال منذ 12 أيار 4 سيدات فلسطينيات من الضفة الغربية بينهن أم وابنتها، وعدداً من الأطفال منهم طفل 16 عاماً من الخليل، جرى تحويله للاعتقال الإداري.

عائلة من 7 أفراد قيد الاعتقال

بتاريخ 19/5/2021، اقتحمت قوات الاحتلال قرية بني نعيم قضاء الخليل، وذلك من قبل أعداد كبيرة من جنود الاحتلال والوحدات الخاصة حوالي الساعة 1:30. حيث أفاد الشاب محمود الخضور حول اعتقال أفراد من عائلته: “بدأنا نسمع بحركة وانتشار للجنود على أسطح البيوت والبنايات المحيطة، وكان الجنود يحضرون بسيارات مدنية تحمل لوحات الضفة الغربية، عملوا مثل حصار من كل الاتجاهات للبيوت والحي وشاهدنا القناصة على أسطح البيوت، الساعة 2:00 تقريباً، اقتحم الجيش خمس بيوت بالحي بعد تفجير الابواب الخارجية، وقاموا باعتقال 5 اخوة من عائلة خضور و2 من أبنائهم وجميعهم يسكنون بنفس الحي وتزامن ذلك مع بعضه البعض."

قامت قوات الاحتلال بالاعتداء على مصطفى خضور (40 عاماً) بعد اقتحام منزله وهجوم الكلاب البوليسية عليه، التي قامت بتمزيق ملابسه ونهش جسده، ليتم الاعتداء عليه مجدداً من قبل جنود الاحتلال بالضرب بأعقاب البنادق والأيدي والأرجل، وبحسب شهادة ابن عمه محمود، فإن مصطفى أُخرج من المنزل وهو يتكئ على الجنود وأثار الدماء واضحة على جسده. كما تم اعتقال ابنه خالد قبل الانسحاب من المنزل الساعة 7 صباحاً، وأفرج عن خالد في مساء ذات اليوم.

انتقلت قوات الاحتلال لمنزل محمد خضور وهو أسير محرر، اقتحمت المنزل وهجمت الوحدات الخاصة عليه مباشرة وبدأت بضربه على رأسه بواسطة السلاح، مما أوقعه أرضاً. وجرى ذلك أمام زوجته وأطفاله. وبحسب شهادة ابن عمه فإنهم سمعوا أصوات الضرب والصراخ من الخارج، حيث أخرجوه بحمالة إلى الجيب العسكري لاعتقاله. اعتقلت قوات الاحتلال أيضاً ابنه يوسف (22 عاماً) وهو ايضاً أسير محرر، بعد تفتيش المنزل وتدمير محتوياته. أفرجت سلطات الاحتلال عن محمد في ذات اليوم مساءً، وهو يقبع الآن في المشفى نتيجة للضرب الشديد الذي تعرض له.

اعتقل أيضاً الشاب خليل خضور بعد الاعتداء عليه بالضرب أمام أطفاله وتفتيشه، مع العلم أنه يعاني من آلام شديدة في الظهر وكان يفترض أن يجري عملية.

أما بخصوص المعتقل فادي خضور، فإنه خرج من المنزل عندما سمع أصوات، فهجم عليه الجنود وقاموا بضربه، ومن ثم تفتيش المنزل والتحقيق مع زوجته وابنته ميدانياً، وقاموا باحتجاز الابنة لمدة نصف ساعة ونقلها للجيب العسكري وتكبيلها، قبل أن يقوموا بإطلاق سراحها وتهديدها بأنهم سيعاودون اعتقالها.

اعتقلت قوات الاحتلال في ذات الحدث الشاب عبد الله خضور، وهو أسير محرر قضى 9 سنوات في سجون الاحتلال، بعد تفتيش منزله وتخربيه. ليتم الإفراج عنه مساء ذات اليوم.

أبقت سلطات الاحتلال على اعتقال كل من مصطفى وخليل وفادي ويوسف خضور، هم يخضعون للتحقيق في مركز تحقيق عسقلان.

التوقيف والمحاكم العنصرية

تشير الاحصائيات الرسمية أن قوات الاحتلال اعتقلت منذ بداية الأحداث في القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 48 فقط (1160) فلسطينياً، أفرج عن معظمهم بشروط أو دون شروط، وقدّمت النيابة العامة لوائح اتهام بحق (155) شخصاً منهم.

تمحورت بنود لوائح الاتهام التي قدمت للفلسطينيين حول تهم التحريض على قتل اليهود، ولتحريض على الإرهاب وعرقلة عمل الشرطة وغيرها من التهم التي تشير إلى تعمد إبراز المعتقلين الفلسطينيين كإرهابيين وعنصريين يمارسون أفعال ونشاطات من دافع أيدولوجي.

وعلى الصعيد الآخر، فإن عناصر الشرطة اعتقلت 159 يهودياً، أفرجت عن معظمهم، وقدمت النيابة العامة لوائح اتهام بحق 15 يهودياً فقط، تضمنت بنوداً تتعلق برشق الحجارة والاعتداء على الطواقم الصحفية الإسرائيلية أثناء تغطيتها للأحداث.

قامت المحاكم الإسرائيلية بفرض شروط إفراج تعسفية بحق المعتقلين الفلسطينيين، كالحبس المنزلي والابعاد، إضافة إلى شرط عدم المشاركة في المظاهرات، مع تجاهل القضاة لآثار الضرب التي برزت على أجساد المعتقلين. كما أن الإفراج عن معظم المعتقلين يظهر عشوائية قوات الاحتلال في اعتقال الفلسطينيين بأعداد كبيرة، والتنكيل بهم ليتم الإفراج عنهم لاحقاً وفي أحيان عديدة دون شروط.

مريم عفيفي – اعتقال وتنكيل، والإفراج عنها دون شروط

اعتقلت قوات الاحتلال مريم عفيفي (26 عاماً) يوم 8/5/2021 حوالي الساعة 10:30 مساءً بينما كانت تتواجد في حي الشيخ جراح. حيث شاهدت جنود الاحتلال يعتدون على فتاة وسقطت أرضاً، فتوجهت تجاه الفتاة وأثناء توجهها اقترب منها أحد الجنود وقام بالصراخ عليها ودفعها بشدّة. حاولت مجدداً الاقتراب من مكان الفتاة التي تعرضت للضرب للاطمئنان عليها، هجم عليها جندي وبدأ يشد بحجابها بشكل عنيف، وقام بسحبها للخلف بقوة، وفي الأثناء خُلع حذائها وقام الجندي بالدوس على أرجلها، ثم انضم عدداً آخراً من الجنود الذين بدئوا بركلها وضربها على كافة أنحاء جسدها. ثم قاموا بتقييد يديها للخلف وأرجلها، ومن ثم بسحلها لمنطقة يتجمع فيها الجنود والشرطة وأجلسوها أرضاً. بعد ما يقارب النصف ساعة، نقلت لمركز الشرطة حيث قبعت حتى صباح اليوم الثاني في غرفة مع عدد من المعتقلين الآخرين.

نقلت مريم إلى مركز المسكوبية في اليوم التالي، حيث قبعت في زنزانة باردة جداً، وعندما طلبت إيقاف تشغيل المكيف، لم يستجيبوا. ثم جرى نقلها إلى المحكمة لتمديد توقيفها في مركز المسكوبية، وأثناء نقلها قامت مجندة بتكبيل يديها بقيود حديدية وقامت بشدهم، بالإضافة إلى شد قيود الرجلين مما سبب لها آلاماً شديدة. وأفادت مريم لمؤسسة الضمير أنه جرى نقلها مرتين إلى المحكمة، المرة الأولى حيث لم يتواجد القاضي بسبب استراحة المحكمة في ساعات الظهر، وبعدها أعادوها إلى الزنزانة، وبعد فترة زمنية عادوا وأحضروها للمحكمة، وأثناء تنقلاتها هذه كانت القيود تضغط على يديها ورجليها مما سبب لها ألماً شديداً. عرضت مريم على المحكمة، وطلبت النيابة العامة تمديد اعتقالها، إلا أن القاضي وبعد الاطلاع على المقطع المصور لاعتقالها، قرر الإفراج عنها من المحكمة دون شروط وذلك بتاريخ 9/5/2021.

إن ممارسات المحاكم الإسرائيلية تظهر عنصرية الاحتلال في التعامل مع الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48، حيث أن المستوطنين ارتكبوا جرائم اعتداء بحق الفلسطينيين ولم يقدم بحقهم لوائح اتهام تتناسب مع الأفعال التي قاموا بها، كذلك الأمر بالنسبة لعناصر شرطة الاحتلال الذين مارسوا الاعتداء العنيف بحق المتظاهرين السلميين والقوة المفرطة مع المعتقلين ولم يترضوا للمساءلة. كما أن القضاة في المحاكم الإسرائيلية لم يلتفتوا لآثار العنف الجسدي على أجساد المعتقلين وعملوا على تقديم لوائح اتهام بحق الفلسطينيين تبرز عنصرية دولة الاحتلال بمختلف سلطاتها في التعامل مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

إن وجود نظامين قانونيين مختلفين لمجموعات تعيش في نفس المنطقة، في ظل تصاعد الأحداث يكرّس بشكلٍ جلي نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، سواء في القدس والأراضي المحتلة عام 48، أو في الضفة الغربية حيث يمارِس فيها النظام العسكري شتى أنواع الانتهاكات بحق الفلسطينيين من اعتداء وقمع وسيطرة إلى اعتقال وتنكيل وصولاً إلى المحاكمة أمام محاكم عسكرية تحاكم الفلسطينيين –دون المستوطنين-وفقاً لأوامر عسكرية تطال كافة جوانب الحياة في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.