مؤسسات الأسرى: الاحتلال اعتقل (490) فلسطينياً خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022

 اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، (490) فلسطينيًا/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، من بينهم (76) طفلاً، و(12) من النساء، وشكّلت حالات الاعتقال في الخليل النسبة الأعلى في هذا شهر، تليها القدس ورام الله، وجنين، ونابلس.

وتُشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، إلى أنّ عدد الأسرى، والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4700) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر  2022، من بينهم (34) أسيرة، ونحو (150) قاصرًا،  و(835) معتقلًا إداريًّا من بينهم ثلاث أسيرات، وأربع أطفال.

وكانت أعلى نسبة اعتقالات خلال تشرين الثاني/نوفمبر في الخليل بلغت (135) حالة، تليها القدس بـ(123) حالة، ورام الله بـ(52) حالة،  فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة خلال الشّهر؛ (242) أمراً، منها (120) أمراً جديداً، و(122) أمر تجديد.

 

استخدام الكلاب البوليسية أثناء عملية الاعتقال.. للتنكيل بالمعتقلين:

 

يستخدم الاحتلال عدة أساليب للتنكيل بالمعتقلين خلال عملية الاعتقال، بدءا من كسر الأبواب والتخريب أثناء عملية الاعتقال، وصولًا إلى الضرب المبرح والإهانات، وفي الآونة الأخيرة تكررت حادثة استخدام الكلاب البوليسية أثناء عمليات الاعتقال التي تجري في مختلف المناطق الفلسطينية، حيث يستخدم جنود الاحتلال الكلاب المدربة لبث الرعب وإصابة المعتقلين أثناء الاعتقال كجزء من سياسات التنكيل بالمعتقلين، ففي صباح ٢\١١\٢٠٢٢ اقتحمت قوات الاحتلال منزل المواطن ح.ب (٣١ عامًا) في قرية كفل حارس قضاء سلفيت، كانت قوات الاحتلال قد حاصرت المنزل وبدأت بضرب الباب، حينها قال لهم ح.ب أنه سيفتح لهم الباب، ما إن فتح الباب أطلق جنود الاحتلال كلبًا بوليسيًا باتجاهه، انقض الكلب بشكل مباشر عليه واستمر في نهش لحمه لوقت طويل.

 

رغم سيل الدماء جراء الجروح التي سببها الكلب وصراخه استمر الكلب بنهشه وإصابه حينها بجروح بين فخذيه نزفت كثيرًا، انقض الجنود بعدها عليه ثم قاموا بتكبيله ولا يزال الكلب ينهش لحمه، ثم قاموا بنقله إلى ناقلة الجنود على الحمالة، واستمرت عملية التنكيل رغم إصابته، حيث بعد نقله إلى سيارة الإسعاف حضر ضابط المنطقة وقام بضربه وتهديده عدة مرات، ثم تم نقله عبر سيارة إسعاف إلى المستشفى وهناك قاموا بقطب الجرح بـ ١٦ غرزة، ولا زال ح.ب يعاني من آثار الجرح حتى اليوم.

 

لم تكن حالة ح.ب هي الحالة الوحيدة التي يتم بها استخدام الكلب أثناء عملية الاعتقال، ففي تاريخ ٢٣/٤/٢٠٢٢ اقتحمت قوات الاحتلال منزل المواطن خ.خ (٣٤ عامًا) في مخيم قلنديا، خلع الجنود باب المنزل وأطلقوا عليه الكلب ليفيق ويجد كلبًا يعض يده اليسرى، انقض الجنود عليه، ومسكوه من يده اليمنى في حين كان الكلب ينهش يده اليسرى وبدأوا باستجوابه، سبب له الكلب حينها الآمًا استمرت لوقت طويل، ولم يكتف الجنود بما فعله الكلب به بل كانوا يضربونه بكعب البندقية حيث فقد الوعي وعند استعاد وعيه كان الكلب لا يزال يمسك به، ولم يقوموا بتقديم العلاج اللازم له.

 

الأحكام العالية ...أداة للانتقام من الأسرى والمعتقلين:

لم تختلف حكومات الاحتلال المتعاقبة بمختلف أجهزتها الأمنية والعسكرية على  مدار السنوات الماضية ، فلا زالت تُمعن بتنفيذ ذات السياسة،  وهو سياسة للانتقام من أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه وفئاته، فمنذ انتفاضة الحجارة خلال عام 1987 والاحتلال يحاول قمع الشبان والشيوخ والنساء بمختلف أساليب القوة والعنف وذلك لإخماد ثورتهم، سواء عبر التنكيل بهم وضربهم خلال اعتقالهم أو من خلال إعدامهم ميدانيا، أو حتى عبر زجهم بالسجون والمعتقلات بعد إصدار أحكام انتقامية وظالمة بحقهم.

وقد عمدت الاحتلال خلال الانتفاضات التي كانت تندلع بالشارع الفلسطيني، والهبات الشعبية المختلفة، لاعتقال أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين دون استثناء، وفرض عقوبات تأديبية بحقهم كالغرامات المالية الباهظة، والأحكام العالية بغض النظر عن السبب وراء الاعتقال، وذلك بهدف ثنيهم عن الاستمرار بمسيرة النضال.  

ولا بد من الإشارة بأنه مع اندلاع انتفاضة القدس، والهبة الشعبية الفلسطينية خلال شهر تشرين أول/أكتوبر من عام 2015، اختلفت المقاييس والموازين التي انتهجها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين، حيث كثف من هجمته الشرسة ضدهم وتصاعدت وتيرة الاعتداءات وملاحقتهم على مختلف الأصعدة.

فعلى سبيل المثال خلال العام المذكور أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً لتشديد العقوبة على راشقي الحجارة  على المركبات والطرقات لتصل إلى السجن لـ 20 عاماً، وفي بعض الحالات عقب تطبيق هذا القانون وصلت الأحكام بحق راشقي الحجارة إلى السجن المؤبد، وعبر هذا القانون استطاعت محاكم الاحتلال العسكرية فرض عقوبات جائرة لا تتناسب وطبيعة التهم الموجه للمواطن الفلسطيني.

كذلك في ذات العام تم إنشاء وحدة تسمى  "سايبر" الإسرائيلية، وهي وحدة تابعة لجهاز المخابرات "الشاباك" الإسرائيلي، والتي تقوم بقرصنة حواسيب وهواتف الفلسطينيين والتجسس على حيزهم الرقمي، ومن خلالها سُجل العشرات من حالات الاعتقال على خلفية النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي"، حيث صُنفت منشوراتهم بأنها تحمل عبارات تحريضية وتُشكل خطراً على دولة الاحتلال، ولم تكتف باعتقالهم فقط لمجرد تعبيرهم عن آرائهم ومعتقداتهم، بل أصدرت بحقهم أحكام  وصلت إلى 3 سنوات في بعض الأحيان، وأُرفقت بغرامات مالية تقدر سنوياً بمئات آلاف الشواكل.

والمشاهد الحالية على الساحة الفلسطينية تُعيد إلى الأذهان مجدداً الاحكام الانتقامية التي انتهجها الاحتلال بشكل واضح ومبالغ فيه خلال السنوات السابقة، فأعداد الأسرى الذين يُمضون حاليا 15 عاماً و 20 عاماً  داخل السجون والمعتقلات تزداد يوماً بعد آخر،  واستمرار تطبيق هذه السياسة العنصرية تؤكد أن الاحتلال عاجز عن مواجهة فكر المقاومة وكسر شوكة النضال . 

 

أسرى ما قبل اتفاقية أوسلو وأسرى صفقة "وفاء الأحرار"

تعكس هاتان القضيتان مدى استهتار منظومة الاحتلال بالمجتمع الدولي ومؤسساته ومكوناته وأدواته، حيث تجاوزت اسرائيل فيهما جميع مبادئ الأخلاق والإنسانية، وأصرت على لبس ثوب العنصرية والانتقام، تجاه ممن رفضوا الاحتلال، وضحوا بحريتهم في سبيل تحرير شعبهم، الذي لا زال يمارس بحقه أبشع الجرائم، على يد جيش الاحتلال وعصابات مستوطنيه.

وعند التحدث عن أسرى ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو، وأسرى صفقة "وفاء الأحرار"، فإننا نتحدث عن جريمة وُثقت بمئات وآلاف السنوات، من فدائيي فلسطين الأوائل، الذين أفنوا حياتهم خلف القضبان، نتحدث عن نائل البرغوثي وهو يدخل عامه 43 في السجون والمعتقلات، نتحدث عن عميد الأسرى كريم يونس وابن عمه ماهر يونس، اللذان بعد أقل من شهر سنستقبلهما  بعد 40 عاماً من الاعتقال.

وفيما يتعلق بالأسرى الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو، نتحدث عن 25 أسيراً من عمداء الحركة الأسيرة، هم جنرالات الصبر، الذين سئمت السنوات من صبرهم، وصمودهم وشموخهم، فبالرغم من التفاهمات السياسية بين القيادة الفلسطينية والاحتلال، والتي تم بموجبها تقسيم الأسرى المعتقلين قبل توقيع الاتفاقية لأربع دفعات، تم الافراج عن ثلاث دفعات، و تنصل الاحتلال من الإفراج عن "الدفعة الرابعة"، والذين يقضي أقلهم ٣٠ عاماً، علماً أن العدد الإجمالي للدفعات الأربعة كانت في حينه (104) أسيراً.

أما الأسرى الذين أُفرج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار"، وأُعيد اعتقالهم، فحدث ولا حرج، حيث عرّت عملية اعتقالهم من جديد المنظومة الدولية، وتحديداً الدول التي أشرفت على عملية التبادل، فلا يعقل أن يعاد اعتقال العشرات منهم، بهذا الأسلوب الذي يجعل من المجتمع الدولي عاجزا في حماية اتفاقية التبادل التي تمت برعايته، وهذا يعطي الاحتلال مساحة أكبر من التمادي والتطرف، على الرغم من الإفراج عن جزء منهم، إلا أنه لا زال حتى اليوم نحو 48 منهم قيد الاعتقال، كثيرين منهم أمضوا سنوات طويلة داخل السجون والمعتقلات، على رأسهم الأسير القائد نائل البرغوثي.