يتعرّض الأسرى الفلسطينيّون لأشدّ درجات التعذيب، والمعاملة المهينة واللاإنسانيّة داخل السجون الإسرائيليّة، وتتجلّى هذه الانتهاكات بوضوح في معاملة الأسرى المرضى والجرحى والمضربين عن الطعام، إضافة إلى ما يتعرّض له الأسرى الأصحّاء من سوء معاملة وتعذيب. ويُعدّ التعذيب والمعاملة اللاإنسانيّة سياسة قديمة تستخدمها دولة الاحتلال مع الأسرى، حيث سجّلت الحركة الأسيرة عدداً من الأسرى الذين تعرّضوا للتحقيق العسكريّ، والذي سبّب لهم أمراضاً و/أو إعاقات، و/أو تسبّب في استشهادهم، إلى جانب القوّة المفرطة التي تستخدمها وحدات السجن، أو الوحدات الخاصّة أثناء اقتحام أقسام السجون التي تؤدّي إلى وقوع إصابات، أو استشهاد بعض الأسرى. وعلى الرغم من أنّ هذا العنف هو سياسة ممتدّة، لكنّ بعد السابع من أكتوبر، شنّت مصلحة السجون هجوماً غير مسبوق على الأسرى في السجون الإسرائيليّة كافّة، واجتمعت سياسات عدّة لتجعل السجون أماكن لموت الأسرى الفلسطينيّين؛ حيث برزت سياسة الاعتداءات الجسديّة من خلال الضرب المبرح بالعصيّ والهراوات، واستخدام قنابل الغاز أثناء اقتحامات الغرف الاعتقاليّة، أو أثناء عمليّات الفحص الأمنيّ، أو ما يعرف بالعدد، حيث صرّح عدد كبير من الأسرى في مختلف السجون بتعرّضهم للضرب الشديد على يد وحدات السجن أو الوحدات الخاصّة، وصاحبَ هذه الاعتداءات حرمان الأسرى من الحصول على أيّة رعاية طبّيّة، أو نقلهم إلى عيادات السجون؛ الأمر الذي أدّى في كثير من الحالات إلى ترك السجين أرضاً ينزف دماً لساعات طويلة، أو يعاني من آثار الإصابات، وأسهم ذلك في سقوط مجموعة من الشهداء خلال العام.
سجّل تاريخ الحركة الأسيرة ما يقارب 233 شهيداً، بعضهم استشهد بسبب الإهمال الطبّيّ المتعمّد الذي تمارسه مصلحة السجون مع الأسرى، والبعض الآخر استشهد بسبب الضرب المبرح والتعذيب الذي تعرّضوا له في السجون الإسرائيليّة، ونذكر أنّ هذا العدد هو عدد الشهداء ما قبل عام 2023. ومنذ بداية عام 2023 حتّى السابع من أكتوبر، استشهد الأسير الطفل وديع أبو رموز في تاريخ 25/1/2023، بعد أن أُصيب عقب اقتحام بلدة سلوان، وتمّ الإعلان عن استشهاده بعد احتجازه في المشفى، واستشهد الأسير أحمد أبو علي من يطا-الخليل في تاريخ 10/2/2023 بسبب سياسة الإهمال الطبّيّ، والمماطلة في تقديم العلاج، واستشهد أيضاً الأسير محمود حمدان في تاريخ 1/3/2023، والذي كان قد تمّ إعدامه خارج نطاق القانون، وتمّ احتجازه من قبل قوّات الاحتلال، إضافة إلى الأسير خضر عدنان الذي استشهد في تاريخ 2/5/2023 بعد شروعه في إضراب عن الطعام استمرّ لمدّة 86 يوماً.
مع توالي الشهادات والتقارير لسوء المعاملة الشديد، والتعذيب الذي يتعرّض له الأسرى الفلسطينيّون في السجون الإسرائيليّة، أكّد الأسرى الفلسطينيّون بمختلف الأعمار والفصائل تعرّضهم للضرب المبرح، والإهمال الطبّيّ المتعمّد الذي يرقى لدرجة التعذيب، وهذه الانتهاكات تشكّل أعمدة رئيسيّة لمصلحة السجون، حيث إنّ مصلحة السجون تضرب الأسرى بهذه السياسات للنيل من إرادتهم. وبعد السابع من أكتوبر، أكّدت شهادات الأسرى، وأجساد المحرّرين منهم التي انتشرت فيها الأمراض، وظهرت عليها علامات الإرهاق بفعل الضرب والتعذيب، على ارتفاع وتيرة الجرائم بشكل غير مسبوق، حيث سجّلت الحركة الأسيرة 12 شهيداً منذ السابع من أكتوبر حتّى نهاية شهر 2 من عام 2024