رام الله -2018/7/31- توصلت دراسة اعدتها مؤسسة الضمير الى أن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين تم التحقيق معهم في مركز تحقيق المسكوبية فاقدون للحماية القانونية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني، وما زالوا يتعرضون خلال التحقيق، لصنوف التعذيب والمعاملة القاسية والحاطة من الكرامة الإنسانية، بقصد نزع الاعترافات وتجريم الذات بشكل ممنهج.
وتسلط الدراسة التي حملت عنوان "كنت هناك: دراسة حول التعذيب في مركز تحقيق المسكوبية"، الضوء على ما يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون من أساليب تحقيق وتعذيب وسوء معاملة في المسكوبية، واستهدفت الدراسة مركز التحقيق كاملاً من زنازين وغرف تحقيق ومحاكم، وذلك لإعطاء صورة شاملة ودقيقة ومفصلة لمنظومة القهر والقمع الإسرائيلية التي تستهدف وما زالت المعتقلين الفلسطينيين لتحطيمهم، وعزلهم عن العالم الخارجي والمنع من لقاء محامي لفترات طويلة، ف54.8% من العينة المرصودة منعت من لقاء محامي لمدة أسبوعين فما أكثر.
ويتعمد الاحتلال اخضاع الأسرى لظروف غاية في الصعوبة أثناء اعتقالهم لا تتوافق وأياً من المعايير الدولية أو الانسانية، فمثلاً: 66.3% تم تعصيب عيونهم خلال مرحلة الاعتقال والنقل الى مركز التحقيق، 75% قيدوا بقيود بلاستيكية بأيديهم وأقدامهم، 42.5% تم الاعتداء عليهم بالضرب 28.8%، تعرضوا للضرب بالأقدام، 33.8% تعرضوا للضرب عن طريق الأيدي، و10% تم الاعتداء عليهم بالضرب بواسطة السلاح.
والعديد من الأسرى يتم تركهم بالعراء لساعات أثناء اقتيادهم لمسافات طويلة في الحر الشديد أو البرد القارص، و48.8% تعمد شتمهم واهانتهم، 30% تعرضوا للتهديد، فجميع هذه الظروف تمثل جزء لا يتجزأ من منهجية واضحة لكسر ارادة المعتقل قبل وصوله الى مرحلة التحقيق لتسهيل عملية نزع الاعترافات والمعلومات من المعتقلين خلال التحقيق. وفي فترة التحقيق تعرض 59.5% الى الشبح على كرسي لساعات طويلة، 30.8% تعرضوا للاعتداء الجسدي عن طريق الضرب خلال التحقيق، و59.5% منعوا من النوم. وتعرض 45.5% من الأطفال تعرضوا للشبح على كرسي، و40.9% من الأطفال في العينة تم تهديدهم بايذاء الأهل.
كما وتوصلت الدراسة على أن محققي جهاز مخابرات الاحتلال ليسوا وحدهم من يشاركون في هذا التعذيب والمعاملة القاهرة بحق المعتقلين الفلسطينيين، بل أن باقي أجهزة الاحتلال من شرطة وجيش وغيرها تشترك وتسهل على جهاز "الشاباك" مهمته، فجهة الاعتقال تقوم بالاعتداء على المعتقلين وتنهك أجسادهم ونفسيتهم قبل الوصول إلى مركز التحقيق، كما أن الأطباء في المسكوبية متواطئون مع جهات الاعتقال والتحقيق، والسجانون وقضاة محاكم التمديد يطيلون أمد اعتقال المعتقلين بتمديد فترة التحقيق، بما يخدم مصلحة "الشاباك" حتى تتم إدانة المعتقل. فمثلاً 58.8% من الحلات في الدراسة اعتقلوا بعد قيام جنود الاحتلال باقتحام منازلهم في جنح الظلام أو ساعات الفجر الأولى، 75% انتزعوا من بيوتهم وأسرتهم، 10% تم سحلهم من الشوارع.
فقد قام فريق مؤسسة الضمير من محامين، وباحثين ميدانيين، والباحث القانوني، بالعمل على جمع المعلومات من 138 فلسطيني حقق معهم في مركز تحقيق المسكوبية بين الاعوام 2015 وحتى نهاية العام 2017، كما وأجريت مقابلات معمقة مع اسرى محريين، وصممت استمارة كمية شاملة مخصصة لرصد الانتهاكات في مراكز التحقيق.
واشتملت العينة على 83.8% ذكور و16.3% نساء. وجغرافياً تركزت العينة على منطقتي رام الله والقدس بسبب الخصوصية الجغرافية لعمل جهاز مخابرات الاحتلال في مركز تحقيق المسكوبية، حيث انه مسؤول بشكل مباشر عن منطقتي القدس ورام الله وضواحيهم. وعمرياً فمثلت الفئة العمرية بين 13-17 عاماً 22.5% من العينة، و62.5% ما بين 18-29 عاماً، و15% 30 عام فأكثر.
يشار الى أن هذه الدراسة الوصفية-التحليلية استخدمت أدوات البحث الكمي والكيفي، من خلال مراجعة الأدبيات المرتبطة بموضوع الدراسة، والتحليل القانوني لقواعد معاملة الأسرى، والاتفاقيات الدولية المنظمة لحقوق المعتقلين وحظر التعذيب، والاطلاع على القوانين المحلية للاحتلال، وقرارات المحكمة العليا بما يخص تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، والتحليل القانوني لهذه المعطيات، وربطها بواقع حال المعتقلين، إضافة إلى تخصيص فصل من هذا التقرير لدراسة الآثار والأبعاد النفسية على من مروا بتجربة التحقيق من أطفال ونساء وبالغين، معتمدين على أدبيات التحليل النفسي للمحتجزين.