عقدت 10 منظمات حقوقية فلسطينية وإقليمية ودولية[1] يوم الخميس الموافق 3 ديسمبر 2020 ندوة إلكترونية مشتركة بعنوان "الحقوقي صلاح حموري يواجه خطر وشيك بالترحيل من القدس: يجب محاسبة إسرائيل"، وذلك في إطار جهود المجتمع المدني المستمرة لتسليط الضوء على قضية حموري، وخاصة بعد الإحاطة الدبلوماسية في 21 سبتمبر 2020، والنداء العاجل الذي قدمته 13 منظمة حقوقية إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، وبعد التدخل الشفهي خلال الجلسة الـ 45 لمجلس حقوق الإنسان، والمقدم بشأنه نيابة عن 56 منظمة مجتمع مدني فلسطينية وإقليمية ودولية.
في 3 سبتمبر 2020، أخطرت وزارة الداخلية الإسرائيلية صلاح حموري رسميًا بنية إلغاء إقامته الدائمة في القدس بسبب "خرق الولاء" لدولة إسرائيلوبذلك أصبح المدافع الفلسطيني-الفرنسي، والمحامي في مؤسسة الضمير لدعم الأسير وحقوق الإنسان ذو 35 عامًا معرض لخطر الترحيل الوشيك.
في هذه الندوة الإلكترونية التي شارك فيها المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، والحقوقي صلاح حموري، ادارت النقاش ندى عوض، مسئول المناصرة الدولية في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بمشاركة عدد من ممثلي الدول الأعضاء وممثلي هيئات الأمم المتحدة والمجتمع المدني ومجموعة من المدافعين/ات عن حقوق الإنسان. وقد ركزت عوض في كلمة الافتتاح على أن التهديد بإلغاء إقامة حموري "يأتي ضمن حزمة من الممارسات العقابية في سياق سياسات الإقامة الإسرائيلية، التي تهدف بشكل أساسي إلى تغيير التركيبة السكانية لمدينة القدس." كما أكدت عوض على أن ترحيل حموري، إذا تم تنفيذه، سيشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي وخرقًا لاتفاقية جنيف الرابعة.
من جانبه، استعرض الحقوقي صلاح حموري التكتيكات الترهيبية الإسرائيلية ضده وضد عائلته، بما في ذلك اعتقالاته التعسفية السابقة، وحظر دخوله إلى الضفة الغربية لمدة 16 شهرًا تقريبًا، وترحيل زوجته الفرنسية إلسا ليفورت، وحرمانه من زوجته وابنه، وصولاً إلى نية ترحيله من القدس. كما تطرق حموري إلى مخاطر إلغاء الإقامة التي يعاني منها الفلسطينيون/ات في القدس الشرقية المحتلة والمضمومة بشكل غير قانوني، مؤكدا على خطورة سابقة سحب إقامة أسرى وأسيرات سابقين/ات بذريعة "خرق الولاء".
المحامية ليا تسيميل،الممثلة القانونية لصلاح الحموري، قدمت خلال الندوة لمحة عامة عن التطور القانوني والتاريخي لإلغاء الإقامة في ظل النظام القضائي الإسرائيلي. وفي حديثها عن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016، أوضحت تسيميل أن "هذا القانون يُعرف الإرهاب باعتباره "أي عمل ضد الاحتلال" بما يمكّن الدولة من اتهام مجموعات واسعة جدًا من الأشخاص بخرق الولاء لدولة إسرائيل." وبشكل عام، شرحت المحامية تسيميل الإجراءات القانونية التي اتخذتها هي ومركز الدفاع عن الفرد (هاموكيد) نيابة عن موكلها أمام نظام القضاء الإسرائيلي، كما تطرقت لأهمية دعم المجتمع الدولي لقضية حموري.
وفي معرض استعراضه للسياسات الإسرائيلية التي تستهدف المدافعين/ات عن حقوق الإنسان، تطرق عمر شاكر،المعني بشئون إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش، إلى الهجوم على حموري، مؤكدا أنه يأتي ضمن سياسات وممارسات إسرائيلية مطولة ومنهجية، تهدف إلى إسكات المدافعين/ات عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
أكد شاكر أن قضية حموري، وتجربته الخاصة في الترحيل من قبل إسرائيل بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان، يمثلا "حالتين اختباريتين". وأضاف:" حالة حموري من بعض النواحي جديدة، لكنها ليست جديدة تمامًا، إلا أن فكرة سحب الإقامة الدائمة للمقدسيين/ات بسبب خرق الولاء تعد شكلاً من أشكال التصعيد." لذا شدد شاكر على ضرورة الدفاع عن حموري، حتى لا تصبح هذه السياسة هي القاعدة.
مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967الدكتور مايكل لينك، ركز في كلمته على مكانة الفلسطينيين/ات في القدس الشرقية، موضحًا عدم شرعية سياسة إلغاء حقوق الإقامة لفلسطينيي/ات القدس الشرقية، وما أدت إليه من "تمييز راسخ، ونظام غير قانوني من الحقوق غير المتساوية والوضع الهيراطي الذي لا مكان له سواء في ديمقراطية حديثة أو في منطقة تحت الاحتلال". وفيما يتعلق بمسئولية الدول، شدد لينك على أن المجتمع الدولي يتحمل مسئولية خاصة لضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها كقوة احتلال، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 المشتركة من اتفاقيات جنيف الرابعة، مشيرًا إلى أن "القانون الدولي لا يُقصد به أن يكون مظلة تُغلق عند هطول أول قطرةمطر."
وفي مداخلتها، وضعت شهد قدورة، الباحثة القانونية في مؤسسة الحق ومسئول المناصرة،الهجوم على حموري في السياق الأوسع لنظام إسرائيل المؤسسي للقمع والفصل العنصري، والذي يستتبع سياسات نزع الملكية والتجزئة، بما في ذلك الترحيل القسري، وسياسات إسكات الأصوات المعارضة لممارسات إسرائيل غير القانونية. كما أوضحت قدورة الأسباب والكيفية التي ظهرت بها سياسات إلغاء الإقامة الإسرائيلية منذ النكبة عام 1948، حين طبقت إسرائيل قانون الدخول إلى إسرائيل لعام 1952، ومنحت معاملة تفضيلية للمهاجرين اليهود بموجب قانون العودة، بينما حرمت اللاجئين الفلسطينيين واللاجئات الفلسطينيات من حقهم/ن في العودة. وتابعت، ومنذ عام 1967، وضعت إسرائيل معايير إلغاء الإقامة للمقدسيين/ات الفلسطينيين/ات ووسعتها باستمرار، بما في ذلك سياسات "الاستيطان خارج إسرائيل" و"مركز الحياة"، وأخيرًا، إلغاء الإقامة كإجراء عقابي.
أشارت قدورة أيضًا إلى أن "النظام القضائي الإسرائيلي متواطئ بشكل واضح في تنفيذ السياسات والممارسات غير القانونية التي تنتهك القانون الدولي، وفي ضمان استمرار إفلات المسئولين الإسرائيليين المتورطين في انتهاك حقوق الفلسطينيين/ات من العقاب." وأكدت على الحاجة الملحة لأن يتخذ المجتمع الدولي تدابير فورية وملموسة وفعالة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها لحقوق الإنسان ووضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب.
من جانبها، اختتمت الندوة آن توايلون،نائبة رئيس جمعية تضامن فرنسا وفلسطين،[2] باستعراض لمحة عامة عن حملة فرنسا المناهضة للترحيل غير القانوني للحقوقي صلاح حموري. وحثت توايلون المجتمع الدولي على التعبئة ضد سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية والتضامن مع الشعب الفلسطيني، من خلال الإدانة العلنية لهذه السياسات واتخاذ تدابير فعالة لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب، بما في ذلك من خلال فرض العقوبات. وشددت توايلون كذلك على ضرورة حماية حقوق الطفل ابن حموري، بما في ذلك حقه في عدم التعرض للتدخل التعسفي في خصوصيته وأسرته ومنزله.
إن معيار الولاء لإسرائيل، كقوة احتلال، هو معيار غير قانوني. في الواقع، يحظر القانون الإنساني الدولي على سلطة الاحتلال المطالبة بالولاء من السكان الخاضعين للاحتلال، كما هو منصوص في المادة 45 من أنظمة لاهاي والمادة 68 (3) من اتفاقية جنيف الرابعة. وعليه، فإن منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والإقليمية والدولية التي شاركت في رعاية هذه الندوة الإلكترونية، تعيد تأكيد دعواتها السابقة للمجتمع الدولي للتصدي للانتهاكات الإسرائيلية الجسمية للقانون الدولي، وخاصة:
i. دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى وقف الإجراءات غير القانونية المتخذة لإلغاء إقامة صلاح الحموري، سواء على أساس "خرق الولاء" أو أي أساس آخر، وذلك للحيلولة دون انتهاك حقوقه في حرية التنقل والإقامة وحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، وعرقلة ارتكاب إسرائيل للجريمة الخطيرة بموجب القانون الدولي والمتمثلة في نقل السكان؛
ii. دعوة إسرائيل إلى تصحيح وجبر حملات التشهير وإجراءات الترحيل الحالية لصلاح حموري، في شكل تعويضات واستردادات.
iii. دعوة إسرائيل إلى الإلغاء الفوري لقانون الدخول لإسرائيل العنصري، الذي ينتهك بشكل منهجي حقوق الفلسطينيين/ات - بمن فيهم المدافعين/ات عن حقوق الإنسان- في حرية التنقل والإقامة وحق مغادرة بلادهم والعودة؛
iv. تذكير فرنسا بضمان حماية حقوق المدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني صلاح الحموري، وهو مواطن فرنسي وأوروبي، بالرجوع إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛
v. دعوة الدول إلى الاعتراف بأن أعمال الترحيل غير القانونية للمدافعين/ات عن حقوق الإنسان الفلسطينيين/اتتشكل أعمال فصل عنصري غير إنسانية، ودعوتهم إلى تنفيذ تدابير جماعية لوضع حد لهذا الوضع غير القانوني؛
vi. دعوة الدول إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة لمحاكمة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقية، بما في ذلك الترحيل المخطط لصلاح حموري؛
vii. الدعوة إلى العدالة الدولية والمساءلة، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية، عن الانتهاكات المنهجية واسعة النطاق لحقوق الإنسان، والجرائم الدولية المزعومة، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري وهي جريمة ضد الإنسانية تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني.
يمكنكم/ن مشاهدة الندوة من هنا.
[1]مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني ويشمل: مؤسسة الحق، مؤسسة الضمير لدعم الأسير وحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، وشبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، والمركز الإعلامي لحقوق الإنسان والديمقراطية ("شمس")، والائتلاف المدني لحقوق الفلسطينيين في القدس، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية التضامن الفرنسي مع فلسطين، ومنصة المنظمات غير الحكومية الفرنسية من أجل فلسطين.
[2]بالنيابة عن منظمات المجتمع المدني الفرنسية بما في ذلك منصة المنظمات غير الحكومية الفرنسية من أجل فلسطين،