في ظل الانتهاكات المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، والاعتداءات المتواصلة على المدنيين في كل محافظات الوطن، إضافة إلى الهجمة التي تقودها حكومة الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين، والاعتداء على المقدسات، واعتداءات المستوطنين على المدن والقرى، والحصار المتواصل على قطاع غزة، وفي ظل امتناع المجتمع الدولي على مدار عقود من مسائلة ومحاسبة دولة الاحتلال عن جرائمها، وفي اطار الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، قادت المقاومة الفلسطينية هجوماً عسكرياً في الأرض المحتلة رداً على التصعيد المتواصل من قبل الاحتلال.
وفي هذا الاطار، شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على قطاع غزة طال المدنيين والنساء والأطفال، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد حتى الساعة 11:00 صباحاً من صباح اليوم الاثنين 9/10/2023 (493) شهيداً في قطاع غزة، بينهم 91 طفلاً، و61 من النساء، ونحة 2751 جريح. كما استشهد (15) مواطناً من الضفة الغربية بينهم طفلان، ونحو 80 جريحاً.
إضافة إلى عمليات القتل التي يمارسها الاحتلال، فإنه يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية تطال أسرى محررين ونشطاء، حيث وثقت مؤسسة الضمير حتى اللحظة اعتقال ما يقارب (76) معتقل من بينهم أسرى محررين. وبما يخص الاعتقالات في قطاع غزة، فلا يوجد حتى هذه اللحظة أي معلومات أو احصائيات عن عدد المعتقلين من قطاع غزة.
كما صعدت إدارة مصلحة السجون منذ بدء العدوان من ممارستها بحق الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، وقامت بعدة إجراءات تنكيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين بكافة المعتقلات، رافقها انقطاع الاتصالات من داخل المعتقلات منذ الساعة 9:00 صباحاً من يوم 7/10/2023. حيث أقدمت قوات القمع بتاريخ 7/10/2023 على اقتحام قسم الأسيرات في معتقل (الدامون) مستخدمة الغاز بحقهن، ولاحقا أقدموا على عزل ممثلة الأسيرات مرح باكير ونقلها إلى زنازين معتقل (الجلمة)، وقاموا بقطع الكهرباء عن القسم، وفي ضوء ذلك قررت الأسيرات كخطوة احتجاجية بإرجاع وجبات الطعام، وعدم الوقوف على (العدد).
كما تم إغلاق الأقسام في كافة المعتقلات، وسحب محطات التلفاز المتاحة للأسرى وعددها محدود، كما تم زيادة أجهزة التشويش، إضافة إلى وقف الزيارات العائلية حتى إشعار آخر، وإلغاء زيارات المحامين التي كانت مقررة لهذا الأسبوع.
ومنذ بدء العدوان، أُبلغ المحامون الفلسطينيون الذين يترافعون عن الأسرى الفلسطينيين أمام المحاكم العسكرية بتفعيل المادة (33) من الأمر العسكري رقم (1651)، والتي تنص على إجراءات الاعتقال "في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب" والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة 8 أيام قبل عرضه على المحكمة بدلاً من 96 ساعة، ويكون ممنوع تلقائياً من لقاء محاميه لمدة يومين.
كما صدر تعديل على الأمر العسكري سالف الذكر بعقد جلسات المحاكمة عبر الفيديو كونفرنس خلال حالة الطوارئ، أي عدم إحضار المعتقلين إلى قاعات المحكمة، ويعد هذا القرار سارياً حتى تاريخ 15/10/2023.
إن العدوان المستمر بحق الشعب الفلسطيني سيتخلله حملات اعتقال كبيرة قد تطال مختلف شرائح الشعب الفلسطيني، وسيتم استخدام سياسة الاعتقال الإداري بشكل مكثف، وهو الاعتقال المبني على ملف سرّي دون تهمة أو محاكمة، وتستخدمه سلطات الاحتلال بشكل كبير أثناء الانتفاضات والهبات الشعبية والحروب.
وعلى الرغم من أن اتفاقية جنيف الثالثة تنطبق على المقاتلين الفلسطينيين في قطاع غزة الذي يتم اعتقالهم أثناء العمليات القتالية باعتبارهم أسرى حرب، إلا أن سلطات الاحتلال سبق وأن استخدمت قانون المقاتل غير الشرعي بحق الاسرى من قطاع غزة. وهذا القانون هو شكل من أشكال الاعتقال الإداري الذي يحرم المعتقل من ضمانات المحاكمة العادلة، حيث أقرت دولة الاحتلال هذا القانون في العام 2002، وبموجبه يسمح لوزير الأمن في حكومة الاحتلال أو من يخوله أن يصدر قرار اعتقال بحق أي شخص من قطاع غزة باعتباره "مقاتلاً غير شرعياً" لمدة مفتوحة، ودون تحديد موعد لإطلاق سراحه. حيث يتم تثبيت الأمر ومراجعته قضائياً أمام قاضي محكمة مركزية كل 6 شهور، ودون تقديم لائحة اتهام بحق الشخص، بل يكون استناداً على مواد سرية يطلع عليها القاضي فقط، دون أن يطلع عليها المعتقل ومحاميه.
وبموجب هذا القانون، اعتقل العشرات من أبناء قطاع غزة خاصة بعيد العدوان الحربي الإسرائيلي على القطاع في العام 2008.
إن مؤسسة الضمير وإذ تطالب الدول السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف بضرورة الضغط على دولة الاحتلال لوقف عدوانها بحق المدنيين الفلسطينيين، والالتزام بحماية الأشخاص المحميين، فإنها تحذر من استخدام العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين في مختلف المناطق، سواء عمليات القتل الجماعية أو الاعتقالات أو إغلاق الطرق ومنع تنقل المواطنين بحرية. وتؤكد على أن الوضع تصاعد في هذا الشكل نظراً لسكوت المجتمع الدولي عن جرائم الاحتلال التي ارتكبها على مدار سنوات، وغياب أي شكل من أشكال المساءلة بحق الاحتلال الذي ما زال يرتكب الجرائم دون محاسبة حقيقية.