"تزوجنا في العام 2007 ، مضى على زواجنا تسع سنوات ، خلال هذه المدة لم يكمل زوجي ثلاث سنوات معنا، وهذا بسبب الاعتقالات المتكررة بحقه. أنجبت أولادي يامن وأمل وهو في السجن، بينما طفلتي ميس أبصرت النور في نفس اليوم الذي اعتقل فيه" رنا نصار
ثابت نصار عزت نصار
قرية مادما/ قضاء نابلس
تاريخ الميلاد: 22/11/1978
تاريخ الاعتقال: 9/5/2016
مكان الاحتجاز: سجن النقب
معتقل إداري لمدة 6 أشهر، وجدد الأمر مرة أخرى
متزوج وأب لأربعة أطفال
حاصل على شهادة دبلوم من كلية الروضة/ نابلس ويعمل ممرض في مستشفى رفيديا الحكومي بنفس المدينة، وهو طالب بجامعة القدس المفتوحة تخصص إدارة صحية، اعتقالاته المتكررة حالت دون إكمال دراسته الجامعية حتى اللحظة.
يامن يطلب أن يحضن أباه..
في قرية مادما قرب نابلس، استيقظ أطفال ثابت وزوجته على صوت الجيش ونخز أعقاب البنادق، وجدوا أنفسهم محاطين بالجيش والمنزل يعج بحوالي أربعين جنديا، كانوا قد كسروا الباب الخارجي واقتحموا المنزل. قادوا الأطفال بثياب النوم وعيونهم الناعسة والقلقة إلى غرفة مجاورة، و أما ثابت فقد أبقوه في غرفة أخرى محاطا بالجنود. لم يصبر ضابط المخابرات ليصل إلى مركز التحقيق، بدأ باستجواب ثابت في منزله، في حين كان بقية الجنود يكملون مهمتهم في تكسير المنزل وتدمير ممتلكات البيت وأغراض الأطفال وغرف نومهم، واستخدموا السكاكين لتمزيق الفرش والمهدات لتكسير أعمدة البيت، فهدموا ذكريات العائلة جزءا فجزءا، وامتد حقدهم للحديقة فهدوا السناسل وقطعوا الأشجار، بحجة التفتيش. اقترب أحد أطفال ثابت وهو يامن (8 سنوات) من ضابط المخابرات، وبعفوية تامة طلب منه أن يودع أباه، وأن يسمح له بأن يحضنه ويقبله، ولكن الضابط هدد يامن بالضرب في حال خرج من الغرفة، واستمر الجنود في تدمير أغراض الأطفال وتمزيق فرش أسرتهم أمامهم.
عصب الجنود عيني ثابت وكبلوا يديه، ودون أن يخبروا العائلة أي معلومة حول سبب اعتقاله أو إلى أين يأخذونه، قادوه إلى مركز توقيف حوارة القريب من نابلس، بعد أن قضوا ساعتين في تفتيش وتخريب محتويات المنزل.
نقل ثابت في اليوم الثالث لمركز شرطة سالم للاستجواب، وأخبره المحقق فور وصوله أن هناك أمر اعتقال إداري بحقه، وهو ما اعتاد ثابت على سماعه في اعتقالاته العديدة السابقة، رغم ذلك أخذ المحقق يسأل ثابت حول انتمائه لتنظيم، وحول عمل عسكري، وأضاف هذه المرة تهمة التحريض عبر الفيسبوك، فتفاجأ ثابت بهذه الإضافة كونه لا يملك حسابا على الفيسبوك من الأساس. أنكر ثابت كل الشبهات، وانتهى الاستجواب سريعا ودون الحاجة للتحقق من المعلومات أو التفكير، فأمر الاعتقال الإداري جاهز.
يوم 15.5.2016 عقدت أول جلسة لتمديد اعتقال ثابت، وتم فيها تمديد توقيفه 72 ساعة لإصدار أمر اعتقال إداري، ولم تكن النيابة العسكرية بحاجة لهذا الوقت فقد كان الأمر حاضرا، وتم في نفس اليوم إصدار الأمر باعتقاله إداريا لمدة 6 أشهر. نقل إلى سجن مجيدو كمعتقل إداري وهو لم يغب عن السجن سوى ستة أشهر، تلقى خلالها العديد من اتصالات التهديد بالاعتقال والملاحقة، وقابل خلالها أيضا المخابرات الإسرائيلية.
أمضى ثابت 12 عاما ونصف متنقلا بين سجون وزنازين الاحتلال ومراكز التوقيف، معظمها كمعتقل إداري، وهذه هي المرة الثامنة التي يتم اعتقاله فيها.
مرة أخرى دون تهمة.. ودون محاكمة
أصدر القائد العسكري للاحتلال قرار اعتقال إداري بحق نصار من تاريخ 18/05/2016 حتى تاريخ 08/11/2016 بشبهة انتمائه لتنظيم الجبهة الشعبية، الأمر الذي يعرض أمن المنطقة للخطر حسب ادعاءات القائد العسكري.
عقدت جلسة المراجعة القضائية الأولى في محكمة عوفر العسكرية أمام القاضي العسكري رافائيل يميني، يوم 23 أيار 2016، وبحضور الادعاء العسكري ومحامية المعتقل، في حين تنازل المعتقل عن حقه في حضور الجلسة.
طلبت النيابة العسكرية كما في معظم جلسات الإداري تثبيت الأمر لكامل المدة، وادعت أن المعتقل هو نشيط عسكري في تنظيم الجبهة الشعبية، وأن لديه نشاطات حديثة بهذا الخصوص، وذلك دون الحاجة لإثبات هذه الادعاءات الخطيرة كون الملف سريا. أكدت محامية المعتقل أن نصار اعتقل في السابق وتم التحقيق معه حول نشاطات عسكرية، وأن الأساس لهذا الاعتقال هو ماضيه الذي يلاحقه باستمرار، ومن خلال التحقيق الحالي يتضح أن المعتقل لا يوجد لديه أي نشاط جدي، لذلك تم ربطه بشبهات عمل عسكري. مع ذلك يدعي القاضي في قراره أن المواد السرية المتعلقة بالاعتقال الإداري هي مواد خطيرة، وتؤكد نشاطه العسكري، ويضيف أنه اعتقل بشكل متكرر ما بين اعتقالات عادية وإدارية وأطلق سراحه آخر مرة من الاعتقال الإداري في أيلول 2015، وبعد خروجه بفترة قصيرة عاد للضلوع في أعمال عسكرية تتعلق بالجبهة الشعبية، لذلك قام بتثبيت الأمر لكامل المدة أي 6 أشهر، موضحا أنه لم يتم التحقيق مع المعتقل بشكل مناسب عن كل التهم المنسوبة له والأعمال التي قام بها، وذلك لطبيعة هذه الأعمال، والأمور التي كشفت كافية لإصدار هذا الأمر، مع أنه خلال التحقيق مع المشتبه أنكر جميع الشبهات الموجهة إليه. وقبل موعد الإفراج عن ثابت بيوم واحد، صدر أمر تجديد الاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر أخرى.
يؤكد ملف ثابت نصار بقسوته وصعوبته أن دولة الاحتلال تستخدم الاعتقال الإداري بشكل تعسفي ومناف لكافة الأعراف والمواثيق الدولية، وتلجأ له في كل مرة تفشل فيها في إثبات الشبهات الموجهة للمعتقل بأدلة عينية. فإن كان ثابت يشكل فعلا هذا الخطر الذي يدعيه الاحتلال لم لا يتم التحقيق معه بشكل جدي حول الشبهات، ولم لا تقدم له لائحة اتهام؟! يستمر الاحتلال في اقتحام بيت ثابت نصار وأخذه من بين أطفاله وعائلته وزجه بالسجن، والمخرج القانوني دائما حاضر: أمر اعتقال إداري، وهذا يثبت أن سلطات الاحتلال تستند في كل مرة إلى ماضيه، وتسعى إلى الانتقام من شخص ثابت نصار، وذلك من خلال مسرحية يتواطأ فيها القضاء الإسرائيلي مع المخابرات، دون أي اكتراث لحياة الأسير وعائلته التي تخرج من صدمة اعتقال لتدخل في أخرى، وفي كل اعتقال يحرم ثابت من المحاكمة العادلة ومن حقه في معرفة سبب اعتقاله، وهو نوع من أنواع التعذيب النفسي والذي يعتبر جريمة حرب حسب المعاهدات الدولية.
العائلة لا زالت تنتظر
تزوج ثابت نصار من رنا عام 2007، وأنجب منها أربعة أطفال: يامن 9 سنوات، وأمل 7 سنوات، وميس 3 سنوات. وأحمد الذي كانت رنا حاملا به عند اعتقال ثابت، ولد يوم 29.9.2016 مرة أخرى تلد رنا وحدها وبغياب ثابت، ولكنه كان حاضرا في اختيار الاسم، فقد سماه ثابت على اسم رفيقه القائد أحمد سعدات. مع كل اعتقال لوالدهم يعود أبناء ثابت ليسألوا أمهم لماذا يغيب عنهم كل هذه الفترات، في حين تصمت رنا التي لا تجد جوابا ممكن أن يشرح لأطفال بأعمارهم معنى الاعتقال الإداري. اعتاد ثابت طوال سني اعتقاله على أن يزوره والديه، وهم من يحضرون أبناءه يامن وأمل معهم لزيارة أبيهم، ولكنه هذه المرة معتقل في سجن النقب الذي يبعد عن بيتهم حوالي ثلاث ساعات، فلا يتمكن أبناء ثابت من زيارته دائما لطول الطريق وثقله على عمرهم، فيزوره أحدهم مع جده أو جدته مرة كل بضعة أسابيع، تقول رنا" أشعر بالحزن على ميس فهي صغيرة جدا ولا يمكنني إرسالها مع جدها أو جدتها كل هذه المسافة الطويلة، ولم ترَ أباها منذ اعتقاله، وهي تعلقت به جدا حين تعرفت عليه عند تحرره من اعتقاله الأخير، أمضى معها سبعة أشهر واعتادت على وجوده ومن ثم غاب فجأة دون أن تفهم السبب". أما رنا ففي كل اعتقال يمنعها الاحتلال من زيارة زوجها لأسباب أمنية تحول دون حصولها على تصريح زيارة، بذلك تتسع رقعة القهر والوجع؛ فمع البعد والغياب المستمر لزوجها لا يمكنها حتى زيارته مرة بالشهر لتطمئن عليه وتسمع صوته. وفي هذا الاعتقال منعت من الزيارة أيضا، وكان الجواب مثل كل المرات السابقة: مرفوضة أمنيا.