الاسم: فداء محمد يوسف دعمس

تاريخ الميلاد: 15/9/1994

السن:24 عاماً

العنوان: بيت أمر/الخليل.

الحالة الاجتماعية: عزباء.

المهنة: طالبة محاسبة سنة ثالثة في جامعة القدس المفتوحة.

تاريخ الاعتقال:29/5/2018

السجن: الدامون

الحالة القانونية: اعتقال إداري 4 أشهر 

الاعتقال الحالي

اقتحمت قوة من جيش الاحتلال منزل فداء دعمس الكائن في بيت امر في الخليل بتاريخ 29/5/2018 عند الساعة الخامسة صباحاً، وبعد التعرف على أسرتها، طلب جنود الاحتلال إبقاء أفراد العائلة داخل غرفهم. وبحسب ما أفادت فداء لمحامية مؤسسة الضمير أن مجندتين مرافقتين للقوة توجهوا لغرفتها بنية القيام بتفتيشها تفتيشاً عارياً، وبعد أن رفضت ذلك، قامت المجندتين بدفعها إلى الحائط بشدة وضربها بالسلاح على كتفها الأيسر، مما جعلها تعاني من آلام شديدة نتيجة للضرب الذي تعرضت له، قامت مباشرة بإعلام الضابط أنها ترفض التفتيش العاري، وبعد جدال وافق على تفتشيها وهي ترتدي ملابسها، ثم طلب منها أن تجهّز نفسها لطرح بعض الأسئلة عليها ومن ثم إطلاق سراحها. قاد الجنود فداء إلى جيب عسكري دون إبلاغها أو عائلتها بوجهة نقلها، وذلك بعد تقييد يديها بقيود بلاستيكية إلى الوراء وتعصيب عينيها، وقاموا بدفعها أرضاً لترتطم في أرضية الجيب العسكري.

التحقيق

تم اقتياد فداء إلى مركز توقيف "عتصيون" القريب من منطقة الخليل، ونقلت من الجيب العسكري إلى العيادة، وتم فحص ضغطها وسؤالها بعض الأسئلة، ومن ثم قاموا بوضعها في غرفة وهي مقيدة الأيدي ومعصوبة العينين وذلك لمدة 4 ساعات تقريباً، مع تواجد للجنود والمجندات داخل الغرفة والذين حاولوا استفزازها من خلال وضع الموسيقى الصاخبة والغناء بصوت مرتفع جداً. وبحسب ما أفادت لمحامية مؤسسة الضمير فقد منعها الجنود من الدخول إلى الحمام إلا وهي مقيدة اليدين إلى الأمام بقيود حديدية بالرغم من مطالبتها الملحّة لنزعها. تلقت فداء خبر نقلها إلى عوفر بعد أن تم تفتيشهاً تفتيشاً دقيقاً، تم نقلها بواسطة البوسطة إلى عوفر بعد تقييد أقدامها بقيود حديدية، وكما أبلغت محامية مؤسسة الضمير فإنه فور وصلها عوفر تم وضعها في "بركس" حديد يحوي شباكاً صغيراً ومقعداً حديدياً وذلك لمدة ساعتين قبل البدء بالتحقيق معها. خضعت فداء لجلسة تحقيق واحدة لمدة سبع ساعات مع استراحة وقت الغذاء، تعرضت خلالها للترهيب والتهديد والشتم، وكان يتمحور التحقيق حول منشورات شخصية على صفحتها في فيسبوك. وبعد انتهاء التحقيق في نفس اليوم نقلت إلى سجن الشارون.

الوضع القانوني

قدمت لائحة اتهام بحق فداء بعد حوالي أسبوع من اعتقالها، تضمنت اللائحة بند التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وادعت النيابة أن فداء تملك فيسبوك "متطرف" وتقوم بنشر مواد تحرض على الإرهاب والعنف، حيث تمحورت جلسات التحقيق حول المنشورات والصور المنشورة على صفحتها على فيسبوك والتي ادعت النيابة أنها تبرز تأييد للمقاومة وتمجيد للشهداء، وتضمنت لائحة الاتهام تفاصيل المنشورات من حيث عدد الإعجابات والمشاركات التي وردت على المنشور.

حكمت المحكمة العسكرية في "عوفر" بتاريخ 7/8/2018 على الأسيرة فداء دعمس بالسجن الفعلي لمدة 95 يوم وسبعة أشهر سجن مع وقف التنفيذ لمدة أربع سنوات من يوم تحررها من الأسر بتهمة التحريض، وقالت المحكمة أن الحكم جاء بعد أن وزنت أقوال النيابة العسكرية ومحامي الأسيرة واطلعت على ظروف القضية وقررت أن هذه التحريض كان بالحد الأدنى وقبلت بالصفقة التي جرت مع النيابة. وعلى الرغم من أن النيابة العسكرية قالت أيضاً أن التحريض الذي تدعيه كان بالحد الأدنى من درجات التحريض، إلا أنها أكدت على أن هذا الحكم ليس له أي تأثير على إمكانية إصدار أمر اعتقال إداري بحق فداء لاحقاً، وهو ما حصل فعلاً! وهذا يظهر كيف تتعاطى النيابة العسكرية للاحتلال بقضية التحريض، فهي لا تكتفي بالعقوبات التي تفرضها المحكمة بل تستخدم الاعتقال الاداري كوسيلة أخرى، وهذا عملياً سوء استخدام لإجراءات الاعتقال الإداري ومناف لشروط القانون الدولي الانساني. 

الاعتقال السابق

من الجدير بالذكر أنه جرى اعتقال فداء سابقاً بتاريخ 28/1/2015، حيث تم اعتقالها بينما كانت تسير في الشارع قرب مستوطنة "عتصيون". ادعى جنود الاحتلال أنها كانت تحمل سكين، تم نقلها إلى مركز توقيف "عتصيون" حيث تم التحقيق معها في ظروف قاسية، وتم تهديدها بإيذاء شقيقها الذي اعتُقل في نفس يوم اعتقالها مما سبب لها ضغطاً نفسياً. بعد انتهاء التحقيق نقلت إلى سجن الشارون وحكمت المحكمة العسكرية عليها بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة حيازة سكين.

اعتقال إداري... في يوم الإفراج

بعد انتهاء مدة الحكم، وفي اليوم المقرر للإفراج عن فداء، أصدر ما يسمى القائد العسكري أمر اعتقال إداري لمدة 6 شهور بحق فداء بتاريخ 16/8/2018، وخلال جلسة التثبيت أكد القاضي العسكري على أنه كان لفداء شبهات بإدارة صفحة فيسبوك "متطرف" وبأنها تحرض على العنف، وادعى أن المواد الاستخباراتية التي وصلت إليه أوسع من مجرد نشرها منشورات على صفحتها في فيسبوك وأن هذه المواد سرية أي أنه لا يمكن للمحامي أو للمعتقل الاطلاع عليها. واستكمل القاضي أن فداء اعتقلت سابقاً بتهمة حيازة سكين وتم الحكم عليها بستة أشهر وأن هذا كله يشير إلى أن هناك خطورة في إطلاق سراحها، بالتالي فترة الاعتقال لمدة ستة أشهر إداري هي معقولة ومناسبة لدرجة الخطورة وقام بتثبيت الاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر تنتهي في 15/2/2019.

قام محامي الدفاع باستئناف قرار القاضي بتثبيت الاعتقال الإداري إلا أن القاضي رفض الاستئناف وادعى أن قرار الاعتقال الإداري يعتمد على خطورة المعتقل وفي حالة فداء هو غير نابع من خطورتها على التحريض بوسائل التواصل الاجتماعي وإنما ينبع من نواياها قبل الاعتقال والتي تدل على خطورة حالية وآنية، وأن إدانتها السابقة بحيازة السكين لم تردعها من أن تبقى خطرة. وأكد القاضي العسكري على أن استمرار اعتقالها يُدرس من قبل القائد العسكري الذي يحدد الفترة الكليّة للاعتقال. تنتهي مدة الاعتقال الإداري لفداء في 15/2/2019، وهذا لا يعني أنه سيتم الإفراج عنها بانتهاء المدة، حيث أنه يمكن أن يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري لمدة أخرى غير محددة.

قبل انتهاء أمر الاعتقال الإداري الأول الصادر بحق فداء، قامت سلطات الاحتلال بتاريخ 10/2/2019 بتجديد اعتقالها الإداري لمدة 4 أشهر إضافية تنتهي بتاريخ 14/6/2019 مع إمكانية أن يتم تمديد اعتقالها لفترة إضافية غير محددة. وفي جلسة التثبيت ادعى القاضي أنه لا يوجد مواد سرية جديدة تشير لخطورة فداء ومع ذلك أشار إلى أن المواد السرية التي لا يستطيع كشفها هي أكثر مما تم حكمها بناءً عليه عندما وجهت لها تهمة "التحريض"، وزعم أن سلطات الاحتلال تخشى أنه في حال إطلاق سراحها سوف تشكل خطر على أمن المنطقة وبذلك صادق على مدة الاعتقال للفترة الكاملة (4 أشهر).

بانتهاء هذه المدة تكون فداء قد أمضت 13 شهراً رهن الاعتقال لمجرد ممارسة حقها في حرية الرأي والتعبير، مع إمكانية تمديد اعتقالها الإداري التعسفي لمدد أخرى غير محددة.

بعد انتهاء مدة الأربعة أشهر، جددت سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري للأسيرة فداء لشهرين إضافيين تنتهي بتاريخ 13/8/2019، وبناءً عليه، بدأت فداء بتاريخ 4/7/2019 إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على اعتقالها الإداري وللمطالبة بإنهائه والإفراج عنها، واستمر إضرابها حتى تاريخ 9/7/2019 بعد اتفاق بعدم تجديد اعتقالها الإداري لمدة أخرى ليتم الإفراج عنها بشهر آب 2019.

أفرجت سلطات الاحتلال عن الأسيرة فداء بتاريخ  8/8/2019، بعد أن أمضت 12 شهراً رهن الاعتقال الإداري، وما مجموعه 15 شهراً متوصلاً من الاعتقال في سجون الاحتلال.

حرية الرأي والتعبير...من حق أساسي إلى تهمة

يسعى الاحتلال وبشكل ممنهج من خلال القوانين العسكرية التي يفرضها على تقييد الحقوق الأساسية للفلسطينيين بشتى الطرق، حتى تلك التي يلتزم بعدم انتهاكها بموجب العهود والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة الاحتلال. وفي حالة فداء يبرز انتهاك سلطات الاحتلال للحق في حرية الرأي والتعبير، حيث كفلت المواثيق والاتفاقيات الدولية حرية الرأي والتعبير منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وترسخ في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي وقعت عليه دولة الاحتلال، حيث تنص المادة (19) على أنه: "لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها."

تستمر سلطات الاحتلال بمحاكمة الفلسطينيين بتهمة التحريض وفق قوانين عسكرية لا تتوائم بأي شكل من الأشكال مع الالتزامات الدولية المترتبة عليها فيما يتعلق بالحق في حرية الرأي والتعبير؛ حيث تستند النيابة العسكرية للاحتلال في قراراتها ضد الفلسطينيين بدعوى "التحريض" في أراضي الضفة الغربية المطبق على الفلسطينيين فيها القوانين العسكرية، إلى المواد 251 و199 (ج) من الأمر العسكري لتعليمات الأمن (النسخة الموحدة) "يهودا والسامرة" رقم 1651 للعام 2009.[1]

يظهر من خلال البند الذي تستخدمه سلطات الاحتلال لملاحقة الفلسطينيين أن الحق في حرية الرأي والتعبير بأي شكل من الأشكال محظور ويعرض صاحبه للملاحقة والاعتقال لفترات طويلة.

الاعتقال الإداري...عقاب للمرة الثانية

إن مبدأ عدم جواز محاكمة أو عقاب الشخص عن ذات الفعل مرتين هو من المبادئ الراسخة في القانون الجنائي والدولي، ويشكل ضمانة أساسية للمحاكمات العادلة، إلا أنه ليس مستغرباً أن تنتهك سلطات الاحتلال المبادئ الأساسية التي استقرت في أغلب النظم القانونية، أو في المواثيق والاتفاقيات الدولية. حيث ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (14) بند (7) على أنه: "لا يجوز تعريض أحد مجدداً للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد." وما حصل مع الأسيرة فداء يبرز مدى انتهاك الاحتلال بأجهزته المختلفة مبادئ أساسية تم تبنيها عندما وقعت دولة الاحتلال على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث لم تكتفِ النيابة العسكرية بالحكم الذي صدر بحق فداء على الرغم من أنه صدر نتيجة للصفقة التي جرت معها، وإنما أكدت على أن هذا الحكم لا يمنع من إصدار أمر اعتقال إداري بحقها، مما يدل على النية المسبقة للنيابة بإبقاء فداء في الأسر وعقابها على الفعل لمرة ثانية، الأمر الذي ينسف المبدأ المستقر في القانون، كما وأن قيام القاضي العسكري بتثبيت أمر الاعتقال الإداري بحقها والادعاء بوجود ملف سري يفسر عدم رضا أو اكتفاء الجهاز القضائي بالمدة التي حكمت بها فداء، وأن اللجوء للاعتقال الإداري هو وسيلة تستخدمها سلطات الاحتلال للانتقام من الأسير لمجرد شك القاضي العسكري بأن هناك نوايا لدى الأسير وأن هذه النوايا تشكل خطراً مما يستدعي إبقاؤه في الأسر.

لقد شددت اتفاقية جنيف الرابعة والمعايير الدولية الأخرى لإجراءات المحاكمة العادلة على منع استخدام الاعتقال الإداري كبديل عن المحاكمة، مما يدعو للتأكيد على أن الاعتقال الإداري كما يستخدمه الاحتلال هو اعتقال تعسفي ومنافي للقوانين والأعراف الدولية. كما وتعتبر مؤسسة الضمير الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دولة الاحتلال غير قانوني وتعسفي، ويرقى لاعتباره جريمة حرب، حيث يصف البند 6 من المادة 8(2) من ميثاق روما جرائم الحرب ب "تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية".

 



[1] تحت بند "التحريض" تفصل المواد أعلاه الأفعال التي تدين الفلسطينيين باعتبارهم "محرضين"، وتتلخص في الاتي:

  • حاول إما بالكلام، وإما بأي فعل آخر، التأثير على الرأي العام في المنطقة، بالشكل الذي يضر بسلامة الجمهور.
  • قام بنشر منشورات تأييداً، أو مدحاً، أو تعاطفاً مع تنظيم معادٍ، بأفعاله أو أهدافه.
  • الكشف أو الإعلان عن هوية تنظيم معادٍ، من خلال أفعاله أو أهدافه أو تعاطفه معه.
  • أو من خلال التلويح بعلم، أو عرض رمز أو رموز، أو تشغيل/عرض أناشيد أو أغانٍ ذات علاقة، أو كل فعل مشابه، ويكشف بوضوح التعاطف، والتفاخر بصورة علنية.

 

 

Last Update