لم تتوانَ سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوماً عن نهجها في حرمان الأسرى الفلسطينيين من حقوقهم، فعلى مدار السنوات، عمدت سلطات الاحتلال إلى حرمان الأسرى من أبسط حقوقهم؛ كالحصول على الورقة، أو القلم. ومع استمرار استبداد سلطات الاحتلال بالأسرى، قامت الحركة الأسيرة باتّخاذ مجموعة من الخطوات النضالية لانتزاع حقوق الأسرى، كان أهمها لجوء الحركة الأسيرة إلى الإضرابات المفتوحة عن الطعام.
تأتي هذه الدراسة في محاولة لاستعراض الحياة الثقافية والتعليمية للأسرى، عبر التطرق إلى النصوص القانونية الدولية التي كفلت للأسرى الحق في التعليم، والحصول على حياة ثقافية وترفيهية، ومن ثم استعراض لوائح إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية التي قامت-على العكس مما هو مفروض على دولة الاحتلال، وبخاصة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة-بإعطاء الحد الأدنى من التعليم للأسرى، وقامت بتسييس العملية التعليمية في السجون.
ويمكن لنا القول إن لوائح مصلحة السجون، بشكل عام، ما هي إلا انعكاس للوقائع السياسية ولمصالح الاحتلال ومآربه، وهي أشبه بسيف يُسلط على رقاب الأسرى كلما ارتأت سلطات الاحتلال ذلك. وتسعى الدراسة إلى المقارنة ما بين الحياة الثقافية والتعليمية للأسرى ما قبل اتفاقية أوسلو وما بعدها، مستعرضةً الطرق التي لجأ إليها الأسرى للتعلم؛ سواء أكان ذلك من خال تقدمهم لامتحان الثانوية العامة، أم التعليم في الجامعة المفتوحة الإسرائيلية، أو الجامعات الفلسطينية، أم من خلال المكتبات والصحف التي تمكنوا من إدخالها، وكذلك الجلسات الثقافية.
وتتطرق الدراسة، أيضاً، إلى الحياة الثقافية والتعليمية لدى الأسيرات والأسرى الأطفال، حيث تحاول إبراز أوجه التشابه والاختلاف ما بين تجربة الأسرى وتجربة الأسيرات والأشبال، مستعرضةً، في هذا السياق، العقوبات التي تنتهجها إدارة مصلحة السجون، والتي تهدف، بشكل صريح أو ضمني، إلى عرقلة العملية التعليمية للأسرى. كما ترصد الدراسة، وبشكل مبسط، دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة التي شكلها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان عام 2018، والتي تهدف إلى التضييق على الأسرى في جميع مناحي الحياة، والدور الذي لعبته كل منهما في قضية الحياة الثقافية والتعليمية للأسرى.