على خلفية زيارة مرتقبة لشاؤول موفاز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع ورئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال، نظمت مجموعة من الفلسطينيين تطلق على نفسها اسم ( فلسطينيون من أجل الكرامة) بتاريخ 30/6/2012 مسيرة سلمية في مدينة رام الله للاحتجاج على اللقاء المقرر بتاريخ 1/7/2012 بمقر الرئاسة الفلسطينية، وذلك للمطالبة بإلغاء اللقاء لا تأجيله، خاصة وأن موفاز يعتبر بالنسبة للمشاركين في المسيرة أحد مجرمي الحرب الذين أمروا باغتيال القادة الفلسطينيين ( ثابت ثابت من قادة حركة فتح، وأبو على مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والشيخ أحمد ياسين المؤسس والقائد السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس)، فضلاً عن كونه الآمر باقتحام مدن الضفة الغربية إبان تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي لعملية "الدرع الواقي" التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 29/3/2002 والتي أدت الى سقوط عشرات الفلسطينيين في مخيم جنين وسائر مدن الضفة الغربية.
وبحسب توثيق مؤسسات المجلس المصورة والمكتوبة للأحداث التي وقعت خلال فعاليات هذا التجمع السلمي الذي انطلق مساء يوم السبت بتاريخ 30/6/2012، فقد تعاملت قوات الشرطة والمباحث الجنائية وبعض الأجهزة الأمنية التي تواجدت في الميدان بعنف وقمع غير مبرر مع المتظاهرين؛ إذ قام أفراد الشرطة الذين كان يقودهم مدير شرطة رام الله المقدم عبد اللطيف القدومي ونائبه محمد أبو بكر بالطلب من المتظاهرين العودة من حيث أتو، ونتيجة لرفض المشاركين الالتزام بتعليمات مدير الشرطة وإصرارهم على حقهم في التجمع وحقهم بإسماع صوتهم للرئيس الفلسطيني، انهال عليهم أفراد الشرطة على مرأى ومسمع من المدير ونائبه بالضرب بالهروات وبقبضات اليد، كما وقام بعض أفراد الشرطة بخنق بعض المشاركين وضربهم بأجهزة اللاسلكي، في حين قام البعض الآخر من أفراد الشرطة بجر عدد من المشاركين لمركز شرطة المدينة، وذلك في ظل شتم وسب الشرطة للمشاركين في التجمع السلمي بألفاظ نابيه واتهامهم بالعمالة لصالح جهات خارجية.
ومن التوثيقات التي رصدتها مؤسسات حقوق الإنسان أيضاً تعمد الشرطة الاعتداء على الصحفيين رغم معرفتهم بصفتهم، إذ تعرض الصحفي محمد جرادات للضرب، وحين سقط على الأرض قام أحد أفراد الشرطة بالدوس على رأسه، ثم قاموا باقتياده الى مقر مركز الشرطة، وهناك انهالوا عليه بالضرب في ساحة المركز، وبعد ذلك نقلوه الى مقر المباحث في المركز، حيث وجد داخل المقر ستة شباب مشبوحين على الحائط.
كما لاحظت مؤسسات حقوق الإنسان التي تواجدت لمتابعة المسيرة السلمية انخراط الكثير من أفراد المباحث الجنائية بلباسهم المدني في صفوف المسيرة، وشروعهم فور تلقي الأوامر بالاعتداء بالضرب على المشاركين بعنف وبطريقة توحي بتخطيط الشرطة والمباحث المسبق لمحاصرة المتظاهرين واعتقال البعض منهم.
وفي اليوم التالي، وخلال تنظيم مسيرة سلمية للاحتجاج على ما تعرضت له المسيرة السابقة من قمع وتنكيل، ولتأكيد مطالب المشاركين برفض استقبال شاؤول موفاز، تصدت للمسيرة قوة من الشرطة بقيادة مدير شرطة رام الله ونائبه وتم أيضاً الاعتداء العنيف على المشاركين، كما تعرضت مجموعة من الصحفيين للاعتداء منهم الصحفي سائد الهواري مصور وكالة رويترز للأنباء، والمصور الصحفي أحمد مصلح، والمصور الصحفي عصام الريماوي، والمصور الصحفي محمود حريبات، والمصور الصحفي أحمد عودة، وتم نقل بعض المشاركين لمشفى رام الله جراء إصاباتهم البليغة.
إن مجلس منظمات حقوق الانسان الفلسطيني، وإذ يؤكد على حق التجمع السلمي وعلى حق الأفراد في التعبير عن رأيهم، يعلن عن إدانته واستنكاره لعملية القمع والتنكيل التي تعرض لها المشاركون في المسيرة السلمية، بل ويعتبر تكرار عملية القمع والاعتداء على المسيرة السلمية الثانية من قبل الشرطة والمباحث قرينة ومؤشر قوي على وجود نهج وقرار واضح من قبل قيادة الشرطة باستخدام القوة والعنف في مواجهة المشاركين في المسيرة السلمية.
كما يرى المجلس في قمع هذه المسيرة مؤشراً على عملية التسييس التي تتعاطى بها الجهات الرسمية مع ممارسة الفلسطينيين لحقوقهم وحرياتهم، إذ في الوقت الذي يسمح به بالمسيرات السلمية الداعمة للسلطة الفلسطينية وتوجهاتها بل ويتم استخدام قوى الأمن لتسهيل حركة المشاركين فيها، فإنه يتم قمع أي مسيرة قد تخالف أو تعارض توجهات ورغبات السلطة الفلسطينية.
إن مجلس حقوق الانسان، وإذ يؤكد إدانته وشجبه لقمع التجمع السلمي، ومنع الفلسطينيين بالقوة من ممارسة حقهم الدستوري بالتجمع وممارسة حرية الرأي التعبير وفق المادة "26" من القانون الأساسي الفلسطيني والمادة "2" من قانون الاجتماعات العامة ومواثيق حقوق الانسان الدولية، يطالب:
· رئيس الوزراء الفلسطيني بتشكيل لجنة تحقيق مهنية ومستقلة ومحايدة للتحقيق في ظروف وملابسات قمع الشرطة والمباحث الجنائية للمشاركين في المسيرة السلمية وتقديم الآمرين بهذا القمع ومنفذيه للقضاء الفلسطيني لمحاكمتهم عن هذه الجريمة وعزل كل مَن يدان من أفراد الشرطة والمباحث والجهات الرسمية من منصبه.
· نشر نتائج التحقيقات والإجراءات المتخذة للرأي العام الفلسطيني ورد الاعتبار والاعتذار العلني لضحايا هذا الاعتداء وتعويض جميع المتضررين من جرائه حسب أحكام القانون الأساسي الفلسطيني.
· المتضررين بتحريك دعاوى جزائية ضد أفراد الشرطة والمباحث المشاركين بالاعتداء على المسيرة السلمية للتحقيق معهم وإحالتهم للقضاء.
· إن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني يعتبر هذا البيان بمثابة "بلاغ جزائي للنائب العام" لتحريك الدعوى العمومية وإجراء التحقيقات الجزائية اللازمة بمواجهة منتهكي الحقوق الدستورية والقانونية في الحق بالتجمع السلمي والتعبير عن الرأي وإحالة كل من يثبت تورطه بتلك الانتهاكات للقضاء.
· ان عدم المساءلة الجدية لمرتكبي الاعتداءات على الحقوق والحريات بما فيها الحق بالتجمع السلمي قد شجع قادة وافراد الأجهزة الامنية على التمادي في هذه الاعتداءات لشعورهم بالحصانة بوجه اي مساءلة أو ملاحقه.
· رغم التصريحات والاعلانات المتكررة من الحكومة الفلسطينية وقادة الشرطة والأجهزة الامنية عن احترام الحقوق والحريات، يتضح من خلال الواقع حجم الهوة بين التصريحات والواقع بحيث لم تزل ثقافة احترام حقوق المواطنين وحرياتهم على صعيد الشرطة والأمن بعيدة عن المأسسة.