15 مؤسسة حقوق إنسان فلسطينية ودولية حذرت اليوم من المخاطر الناتجة عن رفض إسرائيل التعاون مع الأمم المتحدة، حيث أن دولة إسرائيل ألمحت إلى أنها لن تشارك في جلسة "الإستعراض الدوري الشامل" المخصصة لها في الدورة الثانية المقرر عقدها غداً الثلاثاء 29 يناير 2013. [1]
رفض إسرائيل المشاركة في هذه الجلسة لا يعني فقط تجنبها للتدقيق في انتهاكاتها للقانون الدولي حيث أن امتناعها عن حضور الإستعراض أمر غير مسبوق على مستوى دول العالم ويخالف المبادئ الأساسية "للاستعراض الدوري الشامل" والتي تنص على وفاء كل دولة بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول.
وكان قد أعلن ممثل دولة إسرائيل في جنيف "تعليق تعاون إسرائيل مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان وهيئاته الأخرى" في ايار 2012.
وقد ورد أن ممثل إسرائيل في جنيف إلتقى مع الرئيس الحالي لمجلس حقوق الإنسان السيد ريميجيوش أكيليس قبل أسبوع لنقاش تأجيل جلسة الإستعراض المخصصة لإسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تقدم حتى الآن طلباً رسمياً للتأجيل، ولذلك قرر المجلس الإلتزام بالموعد المحدد مسبقاً وحسم موقفه وخطواته القادمة في حال أن الوفد الإسرائيلي لم يحضر.
هذه الظروف الإستثنائية أدت إلى التباس ولذلك قامت العديد من مؤسسات حقوق الإنسان بالحد من مشاركتها في جلسة "الإستعراض الدوري الشامل" الحالية حيث أن المؤسسات قد تتكبد خسائر مالية في حال تأجيل أو إلغاء الجلسة، ومن هنا فإن عدم تعاون إسرائيل وغموض موقف مجلس حقوق الإنسان أدى إلى عرقلة عنصر أساسي في الإستعراض الدوري وهو اشراك مؤسسات المجتمع المدني في عملية الإستعراض.
كما أن حالة الإلتباس وعدم اليقين الناتجة عن عدم تعاون إسرائيل وضبابية تعامل المجلس مع الموضوع يؤسسان لسابقة خطيرة حيث أن دول أخرى قد ترفض المشاركة في دورات " الإستعراض الدوري الشامل " وقد تمتنع عن التعاون مع هيئات حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة وذلك لكي تتفادى تقييم سجلها في إحترام حقوق الإنسان.
للأسف حتى الآن لم نرى سوى معاملة تفضيلية لإسرائيل من قبل المجتمع الدولي حيث أن إسرائيل ما زالت تستفيد من إعاقتها لعمل هيئات حقوق إنسان مركزية في الأمم المتحدة.
جميع دول العالم حضرت إلى جلسات ‘الإستعراض الدوري العام‘ المخصصة لها إلا دولة هاييتي التي اعتذرت مرة واحدة نتيجة الزلزال المدمر عام 2010 حيث أن الكارثة الإنسانية لم تسمح لممثليهم بالتحضير.
ينبغي على المجتمع الدولي التأكيد على أن إسرائيل لن تستفيد من محاولتها لتقويض الأمم المتحدة وخاصةً هيئات حقوق الإنسان، بل يجب على المجلس ضمان مشاركة إسرائيل في الإستعراض الدوري الشامل بناء على أنظمة مجلس حقوق الإنسان وذلك للتأكيد على أن مبادئ حقوق الإنسان أسمى وذو أهمية أعلى من العلاقات الدبلوماسية والسياسية.
كما يجب على المجتمع الدولي إدراك أن تعليق إسرائيل لعلاقتها مع المجلس ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ليس إلا دليل آخرعلى إستمرار تجاهلها وعدم إحترامها لقرارات ومؤسسات الأمم المتحدة، خاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، حيث أن جميع الحكومات الإسرائيلية المتتابعة رفضت الإعتراف بإلتزاماتها المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بمسؤولياتها القانونية تجاه الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وذلك بالرغم من أن هيئات حقوق الإنسان المختلفة داخل الأمم المتحدة طالبت إسرائيل مراراً وتكراراً بالإعتراف والإلتزام بواجباتها المحددة قانونياً.
إسرائيل حتى الآن ترفض الإعتراف بشرعية إنطباق إتفاقية جنيف الرابعة والتي تنطبق في جميع حالات الإحتلال في تحد مباشر لقرارات دولية عديدة وفتوى المحكمة الدولية في لاهاي بشأن الأثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار في الأراضي المحتلة والعديد من التصريحات الصادرة عن حكومات العالم.
كما أن إسرائيل رفضت التعاون مع لجنة جولدستون لتقصي الحقائق بعد حرب غزة وذلك بالرغم عن مناشدات جولدستون المستمرة لإسرائيل، كما رفضت إسرائيل في الأونة الأخيرة التعاون مع لجنة تقصي الحقائق في شأن أثر المستوطنات الإسرائيلية على واقع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ورفضت السماح لأعضاء اللجنة بزيارة الضفة الغربية لجمع المعلومات والإفادات.
علاوة على ذلك ما زالت دولة إسرائيل ترفض السماح لمقرر حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة السيد ريشارد فالك بزيارة الأراضي المحتلة.
في هذا السياق نهيب نحن الموقعون أدناه - كممثلين ل 15 مؤسسة حقوق إنسان - بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأخذ موقف واضح وحاسم تجاه إسرائيل يتناسب مع خطورة تعطيلها لعمل المجلس وذلك لكبح العواقب السلبية الناتجة عن عدم مشاركتها في "الإستعراض الدوري الشامل" والتي ستنقص من هيبة هيئات حقوق الإنسان المختصة في الأمم المتحدة.
[1]والاستعراض الدوري الشامل عملية فريدة تنطوي على إجراء استعراض لسجلات حقوق الإنسان لدى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. والاستعراض الدوري الشامل عملية تحركها الدول، برعاية مجلس حقوق الإنسان، وتوفر لجميع الدول الفرصة لكي تعلن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلدانها وللوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. والاستعراض الدوري الشامل، باعتباره أحد المعالم الرئيسية للمجلس، مصمم لضمان معاملة كل بلد على قدم المساواة مع غيره عند تقييم أوضاع حقوق الإنسان في البلدان.
[1]وقد أُنشئ الاستعراض الدوري الشامل عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 آذار/مارس 2006 بموجب القرار 60/251، الذي أنشأ مجلس حقوق الإنسان ذاته. وهو عملية تعاونية والتي، في أكتوبر 2011، استعرضت سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 193. ولا توجد حالياً آية آلية أخرى من هذه النوع. والاستعراض الدوري الشامل أحد العناصر الرئيسية للمجلس الذي يذكر الدول بمسؤوليتها عن احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وإعمالها بشكل كامل. والهدف النهائي لهذه الآلية الجديدة هو تحسين وضع حقوق الإنسان في جميع البلدان والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان أينما تحدث.