يستمر الاحتلال في ملاحقة واعتقال الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المحميين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بهدف منعهم من ممارسة دورهم السياسي والمجتمعي في التوعية والدفاع عن حريات الأفراد وحقوقهم، وترسيخ الوعي الوطني والسياسي لديهم، مما يؤدي إلى تفكيك بنية المجتمع وإضعاف ركائزه، وقد تجلى ذلك في ممارسة سلطات الاحتلال للاعتقال كسياسة ممنهجة تستهدف جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، حيث اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من ثلث نواب المجلس التشريعي الفلسطيني بعد انتخابات عام 2006، مما عرقل سير العمل القانوني والسياسي حتى الآن، بالإضافة إلى استهداف المدافعين عن حقوق الانسان من ناشطين وصحافيين ومحاميين ومؤسسات حقوقية بشكل ممنهج، بغرض تجريم عملهم ومنعهم من ممارسة دورهم بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني التي تنتهكها قوات الاحتلال بشكل يومي، بالأخص قضية الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.
إن إصدار أوامر اعتقال إدارية دون تهمة أو محاكمة بحق النائب في المجلس التشريعي، خالدة جرار، والمدافعة عن حقوق الانسان رئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ختام سعافين، هو جزء لا يتجزأ من سياسة سلطات الاحتلال بإسكات صوت كل من يناصر الشعب الفلسطيني، وقمع أي تحرك داعم لقضية الأسرى والأسيرات العادلة. ورغم أن الاعتقال الإداري بالشكل الذي تمارسه دولة الاحتلال هو اعتقال غير قانوني وتعسفي، ويحرم المعتقلين الفلسطينيين من ضمانات المحاكمة النظامية والعادلة، ويرقى لاعتباره جريمة حرب وفقاً لنظام روما الأساسي المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية، حيث نصت المادة الثامنة بند (2/أ/6) على اعتبار "تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية" جريمة حرب، إلا أن سلطات الاحتلال تلجأ لاستخدامه في كل مرة تفشل فيها في تثبيت تهم أو تقديم لائحة اتهام ضد أي معتقل تهدف إلى محاصرته ومنع نشاطه.
ويشار إلى أن القاضي العسكري لقوات الاحتلال كان قد أصدر امر اعتقال اداري لمدة ستة شهور بحق النائب خالدة جرار بتاريخ 12/7/،2017 وذلك بعد اعتقالها من منزلها فجرا بتاريخ 2/7/2017، وتم نقلها في مساء نفس اليوم إلى سجن "الشارون"، ويشكل اعتقال النائب جرار انتهاكا للقانون الدولي، حيث أنها ممثل شرعي للشعب الفلسطيني من خلال انتخابها نائب في المجلس التشريعي، ويأتي نشاطها بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ضمن واجباتها كنائب منتخب. كما يؤكد القانون الدولي على انه لا يجوز اعتقال الأفراد بناءً على آرائهم السياسية، حيث نصت المادة (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية على "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب"، (الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966). ومع ذلك يتم اعتقال القادة السياسيين الفلسطينيين بشكل دائم كجزء من سياسات الاحتلال المستمرة في قمع دورهم السياسي والوطني، وبناء عليه قمع ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير.
كما أصدر القائد العسكري لقوات الاحتلال أمر اعتقال إداري بحق المدافعة عن حقوق الانسان ورئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ختام سعافين، بتاريخ 9/7/2017 لمدة ثلاثة شهور، بعد أن تم اعتقالها من منزلها فجر الاحد 2/7/2017. ونقلت كذلك إلى سجن "الشارون". يندرج اعتقال سعافين ضمن الاستهداف الممنهج للمؤسسات الحقوقية الفلسطينية من أجل تجريم عمل هذه المؤسسات. حيث أن سعافين ناشطة نسوية ومدافعة عن حقوق الإنسان، ودورها بارز في الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها المجتمعية الوطنية، ويعد اعتقالها جريمة فاضحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
تستنكر مؤسسة الضمير لجوء سلطات الاحتلال إلى سياسة الاعتقال الإداري واعتقال المدنيين الفلسطينيين تعسفيا دون تهمة محددة أو محاكمة. وتقوم قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة باستخدام هذا الإجراء بناء على الأمر العسكري رقم 1651؛ حيث يمنح هذا الأمر الحق لقائد المنطقة العسكرية في احتجاز الشخص أو الأشخاص لمدة تصل إل ستة شهور قابلة للتجديد لأجل غير مسمى "إذا ما توفرت أسباب كافية تؤكد أن أمن المنطقة أو الأمن العام يتطلب ذلك".
وتطالب الضمير المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال من أجل الإفراج الفوري عن الناشطتين في المجتمع المدني خالدة جرار وختام سعافين، اللتان يأتي اعتقالهن ضمن سياسة ممنهجة لمحاصرة العمل الحقوقي والنسوي، والتضييق على القيادات النسوية الوطنية. كما وتطالب الضمير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بضرورة فتح تحقيق حول مدى شرعية اعتقال نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية تابعة لقوات الاحتلال، تفتقر للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة التي تناولتها اتفاقية جنيف الرابعة. كما تستنكر مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل ممنهج، منها حملات الاعتقال المستمرة التي تهدف إلى سلب حقهم في حرية الرأي والتعبير.