تتابع مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان حملة الاستدعاءات والاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الآونة الأخيرة بحق الناشطين والطلبة على خلفية الحق بحرية الرأي والتعبير، حيث طالت هذه الاعتقالات فلسطينيين من مختلف الفئات ومختلف المحافظات، جرى اعتقالهم من قبل أجهزة المخابرات العامة والأمن الوقائي، والمباحث.
تابع محامي مؤسسة الضمير شاكر اطميزه عدة حالات لمعتقلين سياسيين في مختلف المحافظات، جرى الإفراج عن بعضهم وتحويل البعض الآخر للجنة الأمنية في أريحا.
وفيما يتعلق ببعض الحالات التي تابعتها مؤسسة الضمير في الآونة الأخيرة، حالة المعتقل مصطفى الخواجا من رام الله، الذي اعتقل يوم 23/5/2021 بعد استدعائه من قبل جهاز الأمن الوقائي، وقامت محكمة صلح رام الله بتمديد توقيفه مدة 5 أيام لاستكمال التحقيق، قدّم محامي الضمير طلباً لإخلاء سبيله إلا أنه رُفض، ليتم نقل مصطفى للجنة الأمنية في أريحا، وقامت محكمة صلح أريحا يوم 27/5/2021 بتمديد توقيفه لمدة 15 يوماً. قدم المحامي طلبين آخرين لإخلاء سبيله، إلا أنهما رُفضا.
أفاد مصطفى لمحامي الضمير أنه يتعرض للضرب والتعذيب، وظهرت عليه آثار الضرب تحديداً على منطقتي الفخذ والأرجل، وسجلت المحكمة ذلك في محضر الجلسة بعد أن أطلع المحامي القاضي على آثار الضرب، وبالرغم من ذلك قامت بتمديد توقيفه للمدة المذكورة. يُحتجز مصطفى لدى اللجنة الأمنية بتهمة إثارة النعرات الطائفية، وذلك منذ 9 أيام بشكلٍ تعسفي.
أما المعتقل أكرم سلمه، فإنه جرى اعتقاله يوم الأحد 23/5/2021 بعد استدعائه من قبل جهاز المخابرات العامة في رام الله، وقامت النيابة العامة بتمديد توقيفه مدّة 48 ساعة، وعُرض على محكمة صلح أريحا يوم 26/5/2021 التي قامت بتمديد توقيفه مدة 15 يوماً. أفاد أكرم للنيابة العامة أنه يتعرض للشبح والشتم والتحقير، وتم توثيق ذلك في محضر النيابة العامة. قدم محامي الضمير 3 طلبات لإخلاء سبيله، إلا أنها رُفضت جميعها. ما زال أكرم محتجز بشكلٍ تعسفي في سجن أريحا منذ 9 أيام، بتهمة إثارة النعرات الطائفية.
منذ الإعلان عن تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة، برزت التخوفات من أن تنفذ الأجهزة الأمنية الفلسطينية حملة اعتقالات بحق الناشطين والمعارضين السياسيين، ومع تصاعد انتهاكات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومشاركة الشباب والناشطين في التظاهرات والتفاعل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، برزت أصوات لمعارضين لنهج السلطة الفلسطينية، وعبّر الناشطين عن ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وفي المسيرات والتجمعات، وذلك في إطار الحق في حرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي. إلا أن ذلك كان سبباً في استدعاء واعتقال العشرات منهم بتهمٍ ليس لها علاقة بمضمون التحقيق الذي جرى مع المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة، وجاءت هذه الحملة على الرغم من "مرسوم تعزيز الحريات" الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية، بزعم حماية حقوق وحريات المواطنين تمهيداً لعقد الانتخابات العامة، وعلى الرغم من كون المرسوم غير قانوني باعتباره يمنح حقوقاً أساسية مكفولة بموجب القانون الأساسي الفلسطيني ابتداءً، إلا أن نهج السلطة الفلسطينية مستمراً في مخالفة وانتهاك حتى ما يصدر عنها.
إن الاعتقالات السياسية التي تطال معارضي السلطة والتي تأتي على خلفية حرية الرأي والتعبير هي اعتقالات تعسفية مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني، وتضرب بعرض الحائط كل التفاهمات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية في إطار تهيئة المناخ لانتخابات عامة نزيهة، وتعيد الحالة السياسية والقانونية الفلسطينية إلى نقطة الصفر في ظل ممارسة مزيداً من الانتهاكات والخروقات للقانون الداخلي الفلسطيني وللاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها فلسطين، والتي تكفل حرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي. كما أن استمرار الأجهزة الأمنية الفلسطينية بارتكاب جريمة التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين السياسيين يستدعي مسائلة ومحاسبة العناصر مرتكبي هذه الجرائم بشكلٍ فوري، ووقف نهج الأجهزة الأمنية القمعي وتعويض الضحايا والمتضررين جراء هذه الجريمة التي لا تسقط بالتقادم.