رفعت الحركة الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال خلال العام 2011، شعار"الوحدة قانون الانتصار" قابله الشارع الفلسطيني بشعار" لن نترك آسرانا وحدهم".
مقدمة
على امتداد تاريخها الحافل بالتضحيات، ومنذ العام 1970،[1] قدمت الحركة الأسيرة، العديد من خيرة أبنائها[2]على مذبح الحرية، في سبيل انتزاع حقوقهم الأساسية التي أقرها وكفلها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. تلك الحقوق التي تضمن تحسين الظروف الاعتقالية بحدها الأدنى، وإن كان منها ما هو بديهي ويلزم إدارة مصلحة السجون وسلطات الاحتلال بتوفيره، إلا أنها في بعض الأحيان كانت تفرض على الحركة الأسيرة خوض معركة الأمعاء الخاوية لأكثر من ألف ساعة، وخلال ذلك كان لا بد من شهداء.
الورقة التي بين أيدينا هي محاولة توثيقية تحليلية لكافة معارك الحركة الأسيرة المتمثلة في الإضرابات الجماعية والفردية، والتي هي الفصل الأكثر ألماً ومعاناة وتضحية في تاريخ الحركة الأسيرة، ويأتي إصدارها عشية يوم الأسير الفلسطيني[3] في ظل ظروف اعتقالية غاية في الصعوبة بعدما قامت سلطات الاحتلال بتشديد إجراءاتها القمعية بحق الأسيرات والأسرى، وإعلان الحركة الأسيرة نيتها الإضراب مجددا ردا على الهجمة المسعورة التي تمارسها إدارة مصلحة السجون بحقها وللمطالبة بـ: إنهاء سياسة العزل الانفرادي، إغلاق ملف الاعتقال الإداري، إلغاء الإجراءات التي اتخذت بعد أسر شاليط والتي أهمها منع أسرى قطاع غزة البالغ عددهم (456) أسيراً من زيارة أهلهم، السماح بالتعليم الجامعي.
في يومهم، لا يريدوه يوماً آخر من عام آخر، ولا نريده، لذلك هم يعدون العدة ليجابهوا خذلان العالم وجلاد ، وما سلاحهم إلا أمعاءً خاوية، إرادة صلبة مستمدة من مسيرة بطولية لشعب لا زال يقاوم، وإيمان لا يتزحزح بالنصر وبعدالة معركتهم/معركتنا لنيل الحرية.
إحصاءات ومعطيات عامة حول الحركة الأسيرة و إضراباتها
|
أعداد الأسرى في السجون
تراوحت أعداد الأسرى خلال الفترة المذكورة على النحو التالي: كانون الثاني / يناير 2011: 5935 أسيراً وأسيرة
نيسان / أبريل 2011: 5716 أسيراً وأسيرة. كانون الثاني / يناير 2012: 4417 أسيراً وأسيرة فيما سجل عدد بداية الشهر الحالي 4610 أسيراً وأسيرة. [4]
مجموع الإضرابات وتوزيعها بين السجون :
تمكنت وحدة التوثيق والدراسات بتوثيق 62 إضراباً عن الطعام في الفترة ما بين كانون الثاني من العام 2011 و اليوم السابع عشر من نيسان 2012. من بين هذه الإضرابات كان هناك 26 إضراباً خاضه أقل من عشرة أسرى.
وشهد سجن ريمون أعلى نسبة إضرابات حيث بلغ مجموعها 17 إضراباً ما بين إضراب شامل وإضراب جزئي.
وكان توزيع الإضرابات على النحو التالي :
ريمون (17) إضراب، نفحة (11) إضراب، عسقلان (13)، إيشل (12)، عوفر (8)، النقب (7) ، مجدو (6).
أبرز مطالب الإضرابات التي خاضتها الحركة الأسيرة في الفترة المذكورة ركزت على ثلاثة مطالب أساسية
o إنهاء سياسية العزل كما جرى في إضراب الأسرى في أيلول والذي أستمر 21 يوماً متواصلة.
o وكان مطلب إلغاء الاعتقال الإداري من أبرز مطالب إضرابات الحركة الأسيرة بعدما نجح الشيخ خضر عدنان في التصدي لهذه السياسية وتحقيق نصر هام للحركة الأسيرة ضد سياسة الاعتقال الإداري ومازال يحرك إضرابات فردية وجماعية.
o وكانت العقوبات الفردية و الجماعية واقتحامات الوحدات الخاصة (نحشون ومتسادا) وسياسة التفتيش العاري بحق الأسرى وذويهم عناوين للعديد من الإضرابات الفردية و الجماعية.
أطول إضراب جماعي للحركة الأسيرة خلال العام 2011
|
وكان أطول إضراب جماعي خاضته الحركة الأسيرة خلال هذه الفترة ذاك الذي بدأ بتاريخ 27 أيلول 2011 وأستمر إلى 18 تشرين الأول 2011، رفضاً لسياسية العزل بحق قيادات من الحركة الأسيرة أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و جمال أبو الهيجاء القيادي في حركة المقاومة الإسلامية –حماس – اللذان بدأ بالإضراب لتنضم لهم لاحقاً جموع غفيرة من الأسيرة في عدة سجون بلغت ذروتها في الأسبوع الثاني من الإضراب حيث التحق به قرابة 3500 أسير وأسيرة وخاض أكثر ما يزيد عن 400 أسيرة و أسيرة الإضراب المفتوح عن الطعام لمدة 21 يوماً أي ما يعادل 504 ساعات. وعلق الأسرى إضرابهم بعد دخول صفقة التبادل مرحلة نهائية وعدت خلالها الحركة الأسيرة بتلبية مطالب إضرابها.
الإضرابات عن الطعام رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري
|
شكل إضراب الشيخ خضر عدنان و هناء شلبي عن الطعام رفضاً للاعتقال الإداري نقلة نوعية هامة على صعيد كسر سياسية الاعتقال الإداري، لتصبح عنواناً عريضاً في المواجهة المفتوحة ما بين الحركة الأسيرة و قوات مصلحة السجون ودولة الاحتلال وأوامرها العسكرية.
و بجمع عدد الأسرى الذين تضامنوا مع خضر عدنان و المعتقلة هناء شلبي اللذان خاضا إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً للاعتقال الإداري يضاف إليهم الأسرى الذين خاضوا الإضراب تضامناً واستمروا به لاحقاً يكون المجموع 6559 حالة إضراب منهم 10 معتقلين مازالوا مستمرين عن الإضراب عن الطعام بينهم 7 هم من المعتقلين الإداريين وكان إضراب الأسيران بلال ذياب و ثائر حلاحلة الأطول بينهم حيث يخوضان الإضراب عن الطعام رفضاً لسياسية الاعتقال الإداري منذ 49 يوماً.
أبرز الإضرابات الفردية
|
الأسير كفاح حطاب يطالب بمعاملته كأسير حرب
وكان الأسير كفاح حطاب (52 عاماً)من طولكرم والمحكوم بالسجن مؤبدان، أول من خاض الإضراب عن الطعام للمطالبة بمعاملته كأي أسير حرب وفق اتفاقية جنيف الثالثة .
كان إضرابه الأول في شهر آذار العام 2011، وأستمر لمدة 22 يوماً فيما بدأ إضرابه الثاني بتاريخ 28/ 02/ 2012، واستمر لمدة 26 يوم.
وبلغ مجموع الساعات التي خاضها الأسير كفاح حطاب مضرباً عن الطعام 1152 ساعة. كما شارك في عدد من الإضرابات الجماعية ويقبع الأسير حطاب حالياً في سجن هداريم .
إضراب الشيخ خضر عدنان
" 66 يوماً من التحدي والصمود كسراً لسياسة الاعتقال الإداري".
خاض الشيخ خضر عدنان (34 عاماً) من قرية عرابة– جنين أعتقل يوم 17 كانون الأول 2011 وخاض الإضراب المفتوح عن الطعام لمدة 66 يوماً.
سجل إضراب خضر عدنان أطول إضراب في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية منذ العام 1967، بصموده 66 يوماً من الإضراب عن الطعام وهو ما يعادل 1584 ساعة متواصلة وأوقف إضرابه بعد موافقة النيابة العسكرية على تقصير أمر الاعتقال الإداري الصادر بحقه تقصيراً جوهرياً وجعله لمدة أربعة شهور تبدأ من تاريخ اعتقاله يوم 17 كانون الأول 2011 وتنتهي اليوم الموافق 17 نيسان 2012.
أما الأسرى الذين خاضوا الإضراب عن الطعام تضامناً مع الشيخ خضر عدنان فبلغ مجموعهم أكثر من 1922 أسيراً - لمدة يوم واحد على الأقل- من بينهم 90 أسيراً خاضوا الإضراب لمدة عشرين يوماً.
- إضراب المعتقلة الإدارية هناء شلبي
إضراب هناء شلبي (30 عاماً) اعتقلت وأضربت عن الطعام لمدة 43 يوماً ما بين 16 شباط 2012، و 29 آذار 2012 ، ليكون مجموع الساعات التي أمضتها هناء مضربة عن الطعام 1032 ساعة متواصلة.
فيما خاض 4637 أسيراً فلسطينياً الإضراب عن الطعام لمدة يوم واحد تضامناً معها.
خاض 23 أسيراً الإضراب الفردي تضامناً مع هناء في إضرابها ما بين يومين و 22 يوماً.
- إضراب الأسير عاطف وريدات رفضاً لسياسة الإهمال الطبي
خاض الأسير عاطف وريدات في حزيران 2011 الإضراب عن الطعام لمدة 18 يوماً رفضاً لسياسة الإهمال الطبي بحقه وحق بقية الأسرى قبل أن يعلق إضرابه ليوم واحدة بعد تنكر مصلحة السجون لوعده بالاستجابة لمطالبه ليستأنف إضرابه من جديد ليبلغ 45 يوماً ولم يوقف إضرابه إلا بعد موافقة مصلحة السجون على مطالبه ونقله من سجن عسقلان.
و وفي وقت لاحق لبدء الأسير وريدات إضرابه عن الطعام ألتحق الأسيران ميسرة أبو حمدية و الأسير يوسف السقافي بالإضراب المفتوح عن الطعام طوال 30 يوماً رفضاً لسياسة الإهمال الطبي وتضامناً مع الأسير وريدات.
- إضراب الأسير صاحب أعلى حكم في التاريخ
الأسير عبد الله البرغوثي (41 عاماً) من قرية بيت ريما، وهو صاحب أعلى حكم في التاريخ 67 مؤبد ( 5200 عاماً) بدأ بتاريخ 12 /4/ 2012 ، إضراب مفتوحاً عن الطعام ومازال مستمراً إلى تاريخ اليوم .
- إضراب الأسير الأكبر سنا
خاض النائب في المجلس التشريعي الحاج أحمد علي ( 73 عاماُ) من مخيم العين / نابلس و المعتقل إداريا منذ 6/ 6/ 2011، وخاض الإضراب عن الطعام لمدة 15 يوماً رفضاً لسياسية الاعتقال الإداري بتاريخ 13/ 3/ 2012 و علق إضرابه 28/ 3/ 2012 بعد وعود بالإفراج عنه ولم يتم الإفراج عنه إلى اليوم.
- إضراب الأسرى العرب
خاض 5 أسرى عرب الإضراب عن الطعام خلال الفترة المبحوثة وكان الإضراب الأول لأسير مصري في سجن النقب في آذار2011، برفقة أسيران فلسطينيناً للمطالبة بإنهاء الانقسام الفلسطيني تجاوباً مع الحراك الشبابي والشعبي الفلسطيني الذي طالب بإنهاء الانقسام في مسيرات حاشدة انطلقت في 15 آذار 2011.
فيما خاض الأسير الأردني علاء حماد والمحتجز في سجن جلبوع والمحكوم بالسجن 12 عاماً إضراباً عن الطعام لمدة 13 يوماً للمطالبة بالسماح لزوجته وعائلته المقيمة في الأردن بزيارته.
وبتاريخ 7 نيسان 2012، شرع ثلاثة أسرى مصرين يقبعون في سجن نفحة بالإضراب عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحهم.
أطول إضراب عن الطعام في يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان 2012
مازال المعتقلان بلال ذياب (27 عاماً) من كفر راعي والمعتقل إداريا منذ 17/ 8/ 2011، وثائر حلاحلة (33 عاماً) من قرية خاراس والمعقل إدارياً منذ 26 / 6/ 2010، والمعتقلان مضربان عن الطعام منذ 49 يوماً رفضاً للاعتقال الإداري وهو ما يعادل 1176 ساعة متواصلة وكان ثائر حلاحلة خاض الإضراب عن الطعام تضامناً مع الشيخ خضر عدنان إبان إضرابه لمدة 12 يوماً فيما خاض بلال ذياب 14 يوماً من الإضراب عن الطعام تضامناً معه.
خاتمة
مما تقدم، يتضح بشكل جلي، أن الحركة الأسيرة لم تعوزها يوما حكمة أو إرادة لتقرر خوض معاركها وتحقق النصر فيها، كما أن عاملاً حاسماً في نجاح الإضرابات كان هو وحدة الحركة الأسيرة والتحام الشعب معها، صحيح أن الموقف السياسي للسلطة الفلسطينية[5] الممتد منذ أوسلو وحتى اليوم يلقي بظلال ثقيلة لا تخدم الحركة الأسيرة في شيء، ونخشى أن يكون هذا الموقف هو نفسه خلال الإضراب القادم، ولذلك نحذر من مغبة العودة لطاولة المفاوضات لما فيه من أثر سلبي لا يساهم إلا في إجهاض أي معركة تخوضها الحركة الأسيرة، سيما وأنها ستكون وحالة الانقسام السياسي ما زالت قائمة ولا شيء يشي بانتهائها قريباً.
الموقف ذاته، هو موقف "المجتمع الدولي" الذي حتى اللحظة يمتهن سياسة الكيل بمكيالين، ولم يستطع وربما لا يريد إجبار دولة الاحتلال على احترام حقوق الأسرى والأسيرات وإلزامها على التعاطي معهم وفقاً لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة.
في معاركها جميعها، كانت الحركة الأسيرة تراهن على وحدتها وصمودها واحتضان الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لها، ولم تعر اهتماماً لموقف "المجتمع الدولي" لأنه وببساطة يعلن انحيازه التام للجلاد، ولا تأخذه بالضحية رأفة.
في المعركة القادمة، المطلوب تظافر كافة الجهود وتحقيق أوسع التحام شعبي وتضامن عربي ودولي، لنصرة الحركة الأسيرة، وهو ما يوجب على الجميع القيام بدورهم بما يضمن عدم انفراد إدارة مصلحة السجون بالأسرى والأسيرات، وصولاً إلى نجاح الإضراب بتحقيق كافة مطالب الحركة الأسيرة.