الحكومة الإسرائيلية الجديدة تسن مجموعة من القرارات والقيود على حياة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال.

في الأشهر الأخيرة، وبعد استلام الحكومة الجديدة سدة الحكم في دولة الاحتلال، أصدر وزير الأمن الداخلي الجديد "بن غفير" سلسلة من القرارات والإجراءات التي ضيقت الخناق على الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال بشكل كبير، ورغم كل ما يعانيه الأسرى في سجون الاحتلال منذ عقود جاءت الحكومة الجديدة لتزيد الخناق عليهم بشكل مكثف، أكثر من ٤٧٠٠ أسير فلسطيني وأسيرة في سجون الاحتلال يعانون اليوم من قرارات وسياسات تتخذها الحكومات الإسرائيلية ضدهم/ن، وهو الأمر الذي دفع الأسرى والأسيرات لاتخاذ سلسلة من الخطوات التصعيدية التي ستأخذ منحًا متصاعدًا بشكل تدريجي، حيث كانت لجنة الطوارئ العليا في السجون قد أعلنت عن سلسلة من الخطوات التصعيدية رفضًا لكل تلك القرارات والتضييقيات، والتي تبدأ بالعصيان المدني وتتصاعد لتصل إلى إضراب مفتوح عن الطعام في الأول من رمضان المقبل.

من بين القرارات الجديدة التي اتخذها وزير الأمن الداخلي المتطرف "بن غفير" قرار نقل الأسرى بشكل جماعي من سجن إلى آخر، وهو الأمر الذي يشكل زعزعة وعدم استقرار في حياتهم داخل السجون، يشكل عقابًا جماعيًا بحق الأسرى، إضافة إلى إغلاق المخبز الذي يصنع الخبز للأسرى والمعتقلين في سجون الجنوب، وهو ما أكده الأسرى من خلال المحامين حيث أن نوعية الخبز التي بدأت إدارة السجون بإدخالها مؤخرًا هي نوعية رديئة من حيث النوع وقليلة جدًا من حيث الكمية، أيضًا تم تقليص مدة فتح المياه في الحمامات لمدة ساعة واحدة فقط ل ١٢٠ أسير، وهذا يعني أن مدة الاستحمام لكل الأسير لن تتجاوز الخمسة دقائق بالإضافة إلى وقف المياه الساخنة أيضًا، وهو الأمر الذي يعتبر انتهاكًا صارخًا للحاجات الشخصية الأساسية للأسرى، ويصل حد الإهانة والمعاملة القاسية بحقهم، ومضاعفة عمليات التفتيش والتخريب بالأقسام، حيث تستخدم إدارة السجون أسوء الأساليب القمعية والوحشية أثناء التفتيش، وتقوم بالعبث وتخريب ممتلكاتهم بشكل متعمد، إضافة إلى البدء بتشريع قانون حرمان الأسرى من العلاج على حساب الدولة ضمن سياسة الإهمال الطبي المتعمدة منذ عشرات السنوات، حيث يعاني الأسرى منذ عقود من هذه السياسة حيث استشهد أكثر من 74 شهيد نتيجة لسياسة الإهمال الطبي منذ عام 1967، ويحتجز الاحتلال 13 جثمانًا تعود لأسرى استشهدوا داخل السجون نتيجة لتلك السياسة، ووقف تركيب التلفون العمومي في السجون، رغم تعهد إدارة السجون بتركيبه منذ عام 2017 بعد أن خاض الأسرى إضرابًا كان مطلب تركيب الهاتف العمومي مطلبًا أساسيًا فيه، إلا أن إدارة السجون واصلت تنصلها من التعهدات منذ ذلك الحين، أيضًا قررت سلطات الاحتلال منع إدخال الملابس للأسرى من قبل ذويهم قبل تبديلها الأمر الذي سيقلص من كمية الملابس لدى الأسرى، رغم أن المفترض من إدارة السجون توفير تلك الملابس للأسرى، إلا أن الأسرى يدخلون الملابس على حسابهم الشخصي منذ عشرات السنوات  ومن بين القرارات الأخيرة أيضًا عقاب الأسـرى الذين يعبرون عن فرحهم بالعمليات خارج السجن بالعزل لفترات طويلة.

لم تكتف حكومة الاحتلال الجديدة بهذه القرارات فحسب بل تعدت قرارتها ذلك حيث صادقت على طرح قانون إعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، وضمن القرارات كان أيضًا قرار عزل الأسرى الجدد من منفذي العمليات لمدة زمنية طويلة للانتقام منهم، إضافة إلى سحب التلفزيونات في أقسام (المعابر) للأسرى الموقوفين، وتشكّيل لجنة لتطبيق كافة إجراءات لجنة الطوارئ التي أنشئت بخصوص سجن جلبوع بمدة أقصاها ثلاثة أشهر منذ استلامه الوزارة.

تأتي كل تلك القرارات والتضييقيات التي فرضتها دولة الاحتلال على الأسرى من ضمن سياسة حكومة الاحتلال الجديدة، حيث تلت كل التهديدات والوعود من قبل وزير الأمن القومي بالتضييق على الأسرى، وكان بن غفير قد زار سجن نفحة قبل أسابيع وقال حينها أنه سيراقب ظروف سجون المعتقلين السياسيين لدى دولة الاحتلال ولن يسمح بتحسين ظروف اعتقالهم، إضافة إلى ذلك كله، ينوي بن غفير إلى فرض إجراءات جديدة بعد شهر رمضان حسب ما أبلغت إدارة السجون الأسرى في سجون الاحتلال، وتتمثل بتوصيات لجنة (أردان) ومن أهمها: إلغاء التمثيل الاعتقالي والانتماء التنظيمي، وتقليص الزيارات إلى زيارة واحدة كل شهرين، وتقليص مدة الخروج إلى ساحة السجن لمدة ساعتين فقط في اليوم، وإلغاء كافة المشتريات من المواد الغذائية، وتقليص كميات الطعام، وسحب معظم مواد الكانتينا، أيضًا ينوي منع الأسرى من تجهيز الطعام لأنفسهم في الأقسام والغرف وتقديم الطعام لهم من قبل الأسرى الجنائيين، وتركيب أجهزة تشويش على كافة السجون.

لم تتوقف القرارات الجديدة على الأسرى داخل سجون الاحتلال فحسب، بل تعدّت ذلك لتطال أسرى محررين من مدينة القدس والداخل المحتل، حيث بدأت سلطات الاحتلال مؤخرًا بتطبيق قانون سحب أموال السلطة من حسابات الأسرى المحررين، ويسمح بمصادرة أموال وممتلكات من أسرى محررين بحجة أن تلك الأموال التي يتلقوها من السلطة الفلسطينية تشكل تشجيعًا على الإرهاب، وهذا ما حدث بالفعل في مدينة القدس عندما داهمت قوات الاحتلال والشرطة منازل تعود لأسرى محررين وقامت بمصادرة أموال ومصاغات ذهبية وقامت باحتجاز أموال من حساباتهم البنكية، يأتي هذا كله تمهيدًا لتطبيق لقانون سحب الإقامات والهويات من الأسرى المحررين في مدينة القدس والداخل المحتل بحجة مكافحة الإرهاب.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن كل القرارات الجديدة والتضيقات من قبل إدارة السجون تأتي في سياق سحب كل المكتسبات والإنجازات التي حققتها الحركة الأسيرة خلال إضراباتها منذ عقود، حيث خاضت الحركة الأسيرة على مر الزمان أكثر من ٢٥ إضراب جماعي عن الطعام وراكمت النضال في سبيل تحقيق أدنى وأبسط الحقوق، وتأتي حكومة الاحتلال الجديدة لتنسف كما سابقاتها كل إنجازات الحركة الأسيرة، غير آبهة بكل الأعراف والقوانين الدولية التي ضمنت للأسرى السياسيين في الدول القابعة تحت الاحتلال حقوقهم الإنسانية البسيطة.

وكانت الحركة الأسيرة في عدة سجون قد بدأت بخطواتها التصعيدية ضد تلك القرارات، وبتاريخ 14/2/2023 بدأ الاسرى في سجن نفحة خطواتهم التصعيدية ردا على قرار مصلحة السجون. وتمثلت خطواتهم في سجن نفحة بإغلاق الاقسام وعدم المثول للتفتيش، وارتداء ملابس الشباص بالفورة، وإرجاع وجبات الطعام مرتين اسبوعيًا، والاعتصام بالساحات عقب صلاة الجمعة، لتصل أخيرًا كما أشرنا أعلاه لإضراب عن الطعام يبدأ في أول أيام شهر رمضان المقبل.